للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الأربعاء 7 سبتمبر 2011

(203) رأس الجريمة... وأدواتها أيضاً

صاحب اليوميات: نورالدين السيد الثـلثي
مجالس المدينة مشغولة في جزء من أحاديثها بأخبار القتلى والمفقودين. القتلى بعشرات الآلاف، وكذلك المفقودون. جثث بحاويات في جامعة طرابلس... جثث ملقاة في مكبٍّ للقمامة بطريق 11 يونيه... جثث ملقاة في مستشفى الحوادث... جثث محروقة بأحد المعسكرات... تقارير موثقة عن حالات اغتصاب ممنهج.. غرفة نوم وحمام وتجهيزات طبية نسائية تحت المدرج الأخضر بجامعة طرابلس! وغير ذلك كثير جدا مما تقشعر له الأبدان وتعجز الأقلام عن وصف أهواله.


واللوم واللعنات بطبيعة الحال موجّهة للنظام الإجرامي البائد ولرأسه تحديداً. ولكن هناك أيضا سؤال يجري تداوله: من يكون أولئك الذين قاموا بكل جرائم التعذيب والقتل والاغتصاب والسرقة تلك؟


معمر القذافي أخرج إلى السطح أسوأ ما في الليبيين ورعاه ونمّاه وخلق منه وحشاً عاث في البلاد فساداً... نعم. ونهب معمر القذافي ثروة البلاد وأنفق منها بلا حدود على شراء الذمم والسلاح والمعدات ’الأمنية‘ والدعم والحماية من دول ـــــــ انقلبت عليه عندما نهض الليبيون في ثورتهم المجيدة. ولكن من كان أولئك الذين نفذوا بأيديهم كل تلك الجرائم؟ لا مجال للتظاهر بأنهم من المرتزقة. مرتكبو تلك الجرائم ليبيون وإن جاز وصفهم بالمرتزقة، وإن كان بينهم غيرُ ليبيين.


لم تقم الثورة للإطاحة بمعمر القذافي في شخصه، بل في شخصه ونظامه ومنظومة القيَم والسلوك والعلاقات التي حكم بها ليبيا طيلة عهده. وذلك لن يحدث بمجرد الإطاحة بمعمر القذافي و’نجوم‘ نظامه. تحقيق تلك الغاية سيحتاج إلى ما هو أكثر بكثير، ومن ذلك أن تصل يد الثورة إلى أدوات النظام المنفّذة لجرائمه.


لا يكفي لوم نظام القذافي وحسب. إقامة العدل وطمأنة المواطنين يتطلبان أن يتم الكشف عن مرتكبي جرائم القتل والتعذيب والاغتصاب والسرقة والاعتداء بأي شكل كان على حرمة المواطن في نفسه أو بدنه أو عرضه، ومحاسبتهم والاقتصاص منهم. ذلك حقٌّ لكل مظلوم ومعذَّبٍ ومعتدىً عليه ولذوي كل شهيد. وستكون فيه عبرة لرجال الأمن في العهد الجديد. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق