للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


السبت 19 فبراير 2011

(4) الشرق يخرج من عقاله



صباحاً: أحدهم يتحدث مع الجزيرة من درنة.. الليلة الماضية كانت عسيرة.. إنزال بقوارب وبطائرات مروحية (سيكورسكي كما قال) لقوات من المرتزقة جرى التعامل معها. ضُربت طائرة لدى نزولها في قاعدة بمبة حاملة مرتزقة.

السلطة المطلقة ليست مفسدة مطلقة فحسب؛ هي مُسكرة أو مذهبة للعقل تماما.

مساء: توالت الأحداث متصاعدة. أقصى الشرق فرح بما تم إنجازه في طبرق ودرنة والبيضاء والمرج. ولكن ماذا بعد؟ وماذا عن بنغازي؟ قد يتركون فيما هم فيه إلى حين.. مسألة أولويات لا غير.

من بنغازي بعد الظهر مباشرة جاءت الصورة مختلفة تماما. الليلة الماضية كانت مرعبة... الشهداء ربما كان عددهم في حدود العشرين.. ولا يدري أحد ما الذي سيحدث خلال الجنازة وبعدها.

في بنغازي عدد الشهداء والمصابين بالمئات... الشباب يواجهون النار بصدورهم العارية.

ما توفر من صور على التلفزيون كان مروعا. صحون معظم الليبيين موجهة إلى نايلسات، ولذلك هم لا يستقبلون الجزيرة التي يجري التشويش عليها. أتابع الجزيرة على عرب سات منذ بات واضحا تدخل النايلسات بقطع بث القنوات طبقا لسياسات حكومتها....

العالم من حولنا قذر. ليبيا بالنسبة للغرب ليست سوى بحيرة نفط، يتعاملون معها على النحو الذي يؤمّن تدفقه إلى أسواقهم. أما الليبيون فليسوا أكثر من مخلوقات يتمنى الغرب أن تكون وديعة تجاه مخططاتهم وإن اقتضت تلك المخططات ذبحهم (في العراق) أو قتلهم جوعاً (في غزة). ليس من خيار أمام دولنا طبقا لمخططاتهم سوى أن تكون  تابعة أو مارقة أو فاشلة. أما مواقف العرب من العرب وقت الشدة فهي مصيبة عظيمة.

أستغرب ظهور مدافعين عن النظام مبررين لسلوكه وسط كل ما يحدث. تكاد تتقيأ عند سماع محام و"مفكر إسلامي؟" مع الجزيرة، ومكالمة هاتفية مع التلفزيون الليبي، القنفود، أظنه كان قاضيا سابق و"مفكرا إسلاميا" آخر من بنغازي هذه المرة.. قانونيون ومفكرون إسلاميون؟ .. هم حماة باطل، أما الفكر فهو ينم عن مرض صاحبيه.

بعد كل هذا وما هو آت، قد تكون خاتمة ما يجري أحد احتمالين: إما سقوط النظام وإما انفصال برقة. احتمال ثالث؟ صوملة ليبيا... وهذا الاحتمال الثالث ربما يكون المفضل لدى النظام وقت الخيار بينه وبين الرحيل.

لا زالت كلمات ذلك التونسي بدمعه في عينيه على تلفزيون الجزيرة ترن في أذني: "لقد هرمنا.." نعم هناك جيل هرم مهادنا متعايشا مع نظام ظالم مرعب متخلف متسلط. جثم فوق الصدور أكثر من أربعة عقود وكأنه قدر محتوم.. سئمنا الترهات والسفاهات والهزل حيث يجب الجد.. حتى أصبحت حياتنا نفسها مسرحية بائسة... تُبكينا حين نذكر أنفسنا.. وتلهينا حين ننسى. درنا في فلك فكر رديء ونفس مريضة منتشية بما استطاعت شراءه من الذمم والدول .. ساسة وحكام و‘مفكرون’ وصحفيون باعوا أنفسهم للشيطان مقابل مبالغ طائلة من أموال الليبيين، ومعهم شعراء ولاعبو كرة مطربات وراقصات وبنات هوى من مختلف الجنسيات و‘ملكات جمال الإنترنت’ ... الإنترنت  التي أصبحت الآن لعنة على كل الأنظمة البالية... ربما كانت هذه السفاهة ستستمر وتورّث لولا هذه الصحوة المدهشة التي انطلقت من سيدي بوزيد وواصلت مسيرتها إلى تونس العاصمة ومنها إلى القاهرة ومن هناك إلى بنغازي وصنعاء والمنامة وعمّان... وإلى مصراته والزنتان... ومنها بني وليد وطرابلس؟ أشعر بالخجل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق