للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الأربعاء 23 مارس 2011

(36) هوْل الزاوية

كانت هناك انفجارات عنيفة فجر هذا اليوم.. علمت أن من بين الأهداف معسكر مقابل لجامعة ناصر.
حركة خفيفة جدا هذا الصباح، ازدادت مع مرور الوقت. كان ملفتا للنظر الطوابير الطويلة جدا للسيارات في انتظار الدور على محطات الوقود القليلة التي كانت مفتوحة، وكذلك كان الحال بالنسبة للباحثين عن غاز الطهي. أغلب المحطات كان مقفلا. واضح أن هناك نقصا في الوقود لم يعد بالإمكان إخفاؤه. المخزون ينفد، والإمداد ربما كان مقطوعاً. هناك أيضا نقص كبير في السيولة النقدية لدى المصارف، الأمر الذي أصبح واضحا منذ الأمس. كيف سيكون رد فعل الناس ‘المحايدين’ خاصة عندما نصل إلى نقص ملحوظ في السلع التموينية والدواء؟ والأهم من ذلك وأقرب هو كيف سيكون وضع إمدادات الكتائب؟
أنباء عن أن طيران الحلفاء قد قصف آليات الكتائب في مصراته... أخيراً.
التقيت مواطنا خارجا لتوه من الزاوية. رواياته عما شهدته هذه المدينة من قتل وترويع ودمار على أيدي الكتائب مفجعة... الفزع والرعب كانا باديين على تعابير وجهه وهو يروي ما حدث لبيته وأهله وقتلى المدينة. وكان فخورا بشباب مدينته وكيف واجهوا آلة الإرهاب. تقديرات قتلى الكتائب تصل إلى المئات. كان ممتنا لوقفة الزنتان وإمدادها لمدينته بالسلاح والذخيرة، كما كان مستاءً من عدم الاكتراث لدى مناطق أخرى سمّاها، وغاضباً غضبا شديدا هو وآخرون من الحاضرين، من أولئك الذين باعوا ولاءهم وشرفهم وانخرطوا في آلة التقتيل الهمجية مقابل 150 ألف دينار كما يُروى. ستكون لكل ذلك تبعاته بعد التحرير بكل تأكيد.
بعض الروايات تؤكد أن القذافي كان قد أرسل نخبة النخبة تسليحا وتدريبا وولاء إلى بنغازي. كانت التعليمات تقضي بحرق الأخضر واليابس في طريقها إلى إخضاع المدينة أو ما يبقى منها حتي يتمكن من الذهاب شخصيا لإلقاء "البيان الثاني" من نفس "مدينة البيان الأول". كان يجب تحقيق ذلك قبل بدء عمليات القوات الدولية. وجعل الله كيده في نحره، فقد دحرت بنغازي موجة الهجوم الأولى، وإن بثمن باهظ، وأحرقت القوات الدولية في اليوم التالي بقية الأرتال المتقدمة حرقاً... أرسل الله عليهم طيرا أبابيل. أهل بنغازي صائمون غداً، وسنصوم معهم إن شاء الله، شكرا لله وحمداً.
أشعر أن فصله الأخير يُكتب الآن. ما الذي أنجزه.. فيم نجح وفيم فشل؟
نجح في عمليات قتل جماعي، أبرزها مما هو معلوم كانت مذبحة بو سليم وطائرة لوكربي وطائرة اليو تي إي والطائرة الليبية سنة 1992، وأخيراً في كلية ضباط الشرطة في صلاح الدين.
نجح في ترويع الناس وترهيبهم، الأبرز من بين أعماله الشنق العلني في الميادين وعلى شاشات التلفزيون سنة 1984 وفي الجامعات في كل سابعٍ من إبريل.
نجح في إلغاء دولة القانون وتدمير المؤسسات العامة والخاصة وتثبيط روح المبادرة والمنافسة الشريفة وإبداع الفرد
أفقر الليبيين وجهّلهم
نشر الفساد وأفسد الذمم.. سرق موارد البلاد ووزعها شرقا وغربا وبين أولاده وأزلامه.
وفشل في تحقيق الوحدة العربية (إن كان صادقا).. غزو تشاد.. قلب النظام في تونس (عملية قفصة).. اغتيال ملك السعودية... اغتيال ملك الأردن.. زعامة الأمة العربية (استقر أخيرا على كونه ملكا لملوك إفريقيا).. غير ذلك كثير. وهو الآن في وسط فشل مدوٍّ وأخير؛ المحافظة على حكمه لمزرعة ليبيا وتوريثها لأبنائه من بعده.
أزيز طائرات القوات الدولية يدوي في سماء طرابلس... وأصوات المضادات وانفجارات. متحدث عسكري بريطاني يعلن أن القوة الجوية الليبية ‘لم تعد موجودة عملياً’... أجواء ليبيا لهم وحدهم، وبإمكانهم الآن ضرب الأهداف البرية بحرية تامة. الأنباء تفيد أن القصف استهدف شرق طرابلس.. قد تكون آليات متجهة شرقا إلى مصراته أو منسحبة غربا. سمعنا بعد ذلك إطلاق نيران اشتباكات لم تدم طويلا شرق طرابلس.
لا شك أن إنجازات القائد المجتمعة في هذا الفصل الأخير إنجازات فريدة. لقد قتل أبناء ‘شعبه’ بالآلاف مستخدما الدبابات والمدفعية والطائرات والبوارج حربية، وفتح الباب على مصراعيه أمام التدخل الأجنبي ليحطم قواته المسلحة، وكتب بيده فصل رحيله وتبخرت أحلامه في إنشاء دولته القذافية العظمى. إنجاز عظيم خلال شهر ونيف من الزمان يضع نهاية درامية لأربعين عاما من السفه والعبث والعنتريات الفارغة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق