(32) خطر وجودي داهم على بنغازي
رأيت عناوين الأخبار. الكتائب مستمرة في التوجه نحو بنغازي.اللهم انصر عبادك وثبت أقدامهم في وجه الشر الزاحف.
خرجت في التاسعة صباحا لكي أزور بعض الأقارب، وأزود السيارة بالوقود وأمر على صيدلية لشراء دواء. اليوم يوم عمل بالمصالح الحكومية. هو كذلك منذ أسبوع بهدف ‘زيادة الإنتاج’! ولكن الحركة خفيفة جداً. محطات الوقود مزدحمة جداً. ومررت بشارع كانت به جماهير غفيرة ومزدحم بالسيارات. حسبتها مظاهرة ما. هل أسأت اختيار الطريق؟ وإذا بها طوابير لمواطنين مصطحبين أسطوانات غاز الطهي. أكثر من مائة شخص بكل تأكيد ينتظرون أدوارهم لشراء الغاز.
فتح باب منزله، ليخبرني فزعاً، "إنهم يقصفون شارع جمال عبد الناصر ببنغازي. يا ألله. بعد ذلك بدقائق أسمع أصوات الأبواق تقذف بأناشيد الولاء للقذافي والدربوكة .. يحتفلون ... قد يقفلون الشوارع أو يعترضون الناس في تجوالهم إذا ما تأخرت. قفلت عائدا إلى منزلي. وجدت النساء يتابعن أخبار بنغازي ويبكين. لا وسيلة للاطمئنان فالهواتف لا تزال مقطوعة. ساعات عصيبة أخرى مثل ساعات الليلة الماضية وما فعل الأوغاد في إجدابيا . خرج علينا كوسا والمترجم وغانم ... لم أتابعهم... كذب ثم كذب ثم كذب من غير كلل أو ملل. عبد الفتاح يونس أعيد إلى منصبه أميناً للأمن العام، ويذيعون شريطا له مع القائد.... وسعيد راشد... الذي قتله حراس القذافي منذ بضعة أسابيع!!!!! لم أعد أطيق رؤية أي من أولاده أو خدامه أو سماع ترهات وأكاذيب يقومون بقراءتها. ولكنني لا زلت قادرا على أن أشاهده هو.. ربما للنظر في آية من آيات الله في خلقه.. أنظر كيف تحول إلى مسخٍ لا يثير شفقة أحد، ويحسب أنه يثير إعجاب العالمين. ننتظر انتهاء مؤتمر باريس... وانتهى المؤتمر ليعلن ساركوزي بدأ العمليات العسكرية. نحمد الله... سيتنفس أهلنا في بنغازي ومصراته وغيرهما الصعداء الآن.
وعند المغرب أعلنت فرنسا أنها قد قصفت أربع دبابات على مدخل بنغازي.
القنفود يذيع مشاهد مباشرة من باب العزيزية.. لقد حشد في معسكره عددا كبيرا من الشباب والنساء والأطفال يهتفون له... إنه يحتمي بالأطفال والنساء.. إنه الجبن... بدأت علامات النهاية المحتومة تلوح... القائد المغوار يحتمي من الغارات المرتقبة وراء النساء....
الطائرات الفرنسية قصفت دبابات على مشارف بنغازي. الأسطول الأمريكي والبريطانيون قصفوا أكثر من عشرين هدفا لشبكة الدفاع الجوي بـ 110 صواريخ كروز. لم أسمع من منزلي شيئا ولم أشاهد شيئاً.
القنفود يذيع مشاهد ‘الجماهير’ في ديسكو الساحة الخضراء والآخر الذي فتح أبوابه هذا المساء بباب العزيزية وبعض المطارات.. موسيقى ورقص ,.. و.. إنها مناظر لا تصدَّق من عاصمة بلد يجري قصفها... بم يحتفلون... بالخيبة.. أم هو غياب العقل؟
خرج محمد الزوي ... كرر نفس الكلام.. الغارات استهدفت مواقع مدنية لم يعرف أين هي عندما سُئل.. سُئل عن القتال في بنغازي صباح هذا اليوم الذي اقتحمت فيه الكتائب بدباباتها ومدفعيتها المدينة واندحرت، فكان أن حاول تأليف رواية تتفق مع المعطيات الرسمية.. التبست الأمور لديه. الخلاصة التي استطعت أن أصل إليها من كلامه هي أن ‘جماهير قد دخلت بنغازي والتحمت مع سكانها ومن ثم توجه الجميع إلى تطهير المدينة من جيوب الإسلاميين المتطرفين’.
وخرج القذافي من دون صورة يتحدى الحرب ‘الصليبية’ على ليبيا.
بدا الارتياح واضحا على وجوه اللائي بكين هذا الصباح على ما حدث لبنغازي هذا اليوم... بعد المشاهد المروعة من اجدابيا الليلة الماضية. وذهب الجميع في وقت متأخر إلى النوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق