(26) تراجع
تراجع الثوار عن راس لانوف بالأمس وعن البريقه اليوم. أشعر بضيق شديد. هل سيترك الوضع العسكري في تراجع نحو الشرق؟ .. اجدابيا، لا سمح الله؛ ثم.... بنغازي؟ لا أستطيع مجرد تخيل أن ذلك ممكن... ولكنه ممكن... إذا لم يأت مدد في العتاد ولم يتم تحييد سلاح الجو. لا بدّ أن نسلّم بأن لعالمنا قدرة كبيرة على إغماض العينين عن الفظائع التي ترتكب بحقوق الإنسان في نفسه وعرضه وكرامته... شهدناه يتحرك متأخرا جدا جدا في حالة كوسوفو.. وماذا عن رواندا والكونجو؟ وتشيلي بينوشيه... وقريبا منا في الجزائر بمئات الآلاف من ضحايا العسكر عندما لم ترق لهم نتائج الانتخابات. لماذا تكون ليبيا مختلفة؟ كم عدد شهداء ثورة 17 فبراير حتى الآن؟ سبعة آلاف؟.. عشرة آلاف؟ تتحرك الدول الكبرى عندما تكون مصالحها الحيوية مهددة. سيعظم حينها أصغر أرقام الضحايا، وبالعكس سيصغر أكبر الأرقام إذا غابت المصالح... مليون رواندا كان رقما صغيرا في حينه.
يجب أن تنفتح جبهات جديدة، وأن يُستجلب مددٌ فاعل مؤثر في أسرع وقت. وإلا فإن كارثة كبرى ستكون على الأبواب، لا سمح الله. الحماس والاندفاع وحدهما لا يكفيان.
العالم يريد أن يعرف. والليبيون من حقهم أن يعرفوا. والمجلس من واجبه أن يضع تصوره لمستقبل البلاد بعد القذافي ويعلنه. مجلس تأسيسي؟ كيف يُشكل؟ على أي قاعدة سيكون اختياره؟ شكل الدولة؟ هل سيكون الحكم برلمانيا ... رئاسيا؟ دولة مدنية .. دينية..؟ الدستور؟ الأحزاب؟ التنظيم النقابي؟ الانتماء العربي الإسلامي... إلخ. من حقنا أن نعلم ومن حق العالم أن يطمئن إلى جدية التحول من اللانظام والفوضوية والاستبداد إلى دولة عصرية ديموقراطية تطمح إلى توفير العيش الكريم لأبنائها من دون تمييز وإلى الإسهام الفاعل في الحضارة الإنسانية والانحياز إلى قيمها ومبادئها السامية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق