للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الأحد 20 مارس 2011

(33) آلة الكذب مارشة خامسة

في الأخبار هذا الصباح أنه قد تم قصف معسكر خميس و"المخابرات"... هل هي الأمن الخارجي بطريق تاجوراء؟ لا أدري. ولم نسمع أصوات قصف بتاتا. شوارع طرابلس خالية تماما .. وجميع المكاتب والمصارف والمحلات مغلقة.
أخشى أن يتطور الوضع إلى استمرار القصف حتى نفاد الأهداف المبرمجة، ولا يهب الناس في طرابلس نفسها لخلع الطاغية، ولا ينقض عليه أحد من دائرته الضيقة الأولى. ماذا سيحدث حينئذ؟ يتمترس ‘القائد’ في باب العزيزية ـ إن كان هناك فعلا ـ وتستمر طرابلس تحت الأسر وبني وليد وترهونة وزليتن تراوح مكانها. وييقى الشرق شرقا ومصراته هي مصراته وكذلك الجبل الغربي... أما الجنوب فلا حراك. القوى الغربية ستسعى إلى الحسم بشكل أو آخر، فهي لا تستطيع البقاء إلى ما لا نهاية... خاصة إذا كان الليبيون غير قادرين على حسم أمرهم وقد قدمت لهم الحماية.
القذافي تكلم من دون صورة مرة أخرى... نفس الكلمات والتهديد والوعد بهزيمة ‘القوى الصليبية’. لا أعتقد أن هناك فائدة أو حتى تسلية من متابعة المزيد من الكلام المتكرر يوما بعد يوم. الليبيون يريدونه أن يفهم.. ولم يفهم بعد... وربما لن يفهم أبدا.
الأمريكيون يقولون إن الدفاعات الجوية الليبية قد تم تحييدها وأن منطقة الحظر الجوي قد تم إنشاؤها عمليا نتيجة عمليات الليلة الماضية. لم يكن لسلاح الجو الليبي أي نشاط منذ بدء العمليات. أداء من الواضح أنه كان هزيلا. جعجعة هائلة وأداء هزيل. وهذا أمر طبيعي لكل من  يعرف ليبيا. الإدارة الليبية في كافة مؤسساتها الحكومية إدارة فاشلة dysfunctional. الفساد مستشرٍ في كل ما هو حولنا. هي حقيقةً دولة فاشلة من دون تنازع مسلح على السلطة إلى أن تصدى النظام للمتظاهرين بقوة النيران بكافة أسلحة الجيوش المعدة لصد عدوان مسلح من الخارج. الفشل والقصور الذي نلمسه يوميا في إدارات ‘الحكومة’ وفي المستشفيات ومراكز الشرطة والمحاكم وجمع القمامة وتنفيذ المشروعات من أصغرها إلى أكبرها، من المستحيل أن يقابله نجاح ومهنية وأداء عالٍ في القوات المسلحة. لن تجتمع في بلد واحد شبكة قطارات في دقة وأداء قطارات ألمانيا مثلا مع مستوى الخدمات الصحية في زيمبابوي. هكذا يقول المنطق. تحت القذافي كل ما في ليبيا متخلف وفاشل. ومصدر ذلك وأساسه هو تفكير القائد الممسك بزمام كل كبيرة وصغيرة من أكثر من أربعين عاما. وقصفت الطائرات الفرنسية أرتال كتائب الإرهاب التي كانت متجهة نحو بنغازي.. رمتها بقذائفها فجعلتها "كعصف مأكول". الحمد لله الذي حمى المدينة وأهلها من شر هؤلاء الفجرة.
خرج الجنرال الفقهي ليعلن وقف إطلاق النار الرابع ربما خلال يومين. وخرج محمد أحمد الشريف ليعلن باسم ما يسمى بالقيادات الشعبية والاجتماعية أن المواطنين سيتجهون من طرابلس نحو بنغازي ليتبادلوا العزاء مع أهل بنغازي في قتلاهم ويتسامحوا ويتباحثوا في شأن البلاد. صوت الشيخ محمد أحمد الشريف، يعلن عما يعرف بين القبائل بـ "المسار"!!!! ربما سيصطحبون معهم عددا من الشياه وحتى الإبل والمواد اللازمة من أرز وطاطم وغيرها لهذا الملتقى الاجتماعي الكبير. أهكذا تساس الدول في القرن الحادي والعشرين؟ وتفوح من هذا الإعلان رائحة الفتنة نفّاذةً... هو مسار تصالح بين طرابلس وبنغازي، بما يعني أن كل ما يجري من أحداث جسام هو مظهر لخلاف بين شرق وغرب.
كثير مما أراه هذه الأيام يجرني إلى استرجاع ما كنت أسمعه عن بعض رجال الصف الأول من العاملين مع رأس النظام. كلهم في السنوات الماضية كانوا ينتقدون بشدة، بل بدؤوا يتنصلون من الانتماء العضوي له. ينتقدون بلسان الموجودين خارجه، ويسعون لتصوير أن المسافة بعيدة بينهم وبين ممارسات رأس النظام. إنهم فعليا يصنفون أنفسهم كمعارضين للنظام من غير أن يجهروا بالكلمة. ونراهم في مواقفهم ‘الرسمية’ مذعنين لأوامره. هل أصبحوا متورطين؟ مصابون بالسكتزوفرينيا؟ هل هم خائفون مرتعبون؟ هل هم مستفيدون لن يفرطوا فيما هم عليه؟ ما أعرفه هو أنه لم يعد أحد يستطيع الادعاء أنه قادر على منع حدوث ما هو أسوأ. تلك كانت حجة أو مبرر في سنوات بعيدة مضت
وتكلم عمرو موسى لينتقد ‘قتل المدنيين’ في عمليات القوات الدولية. ما الذي يريده موسى؟ قال إن الجامعة أرادت حظرا جويا فقط. ولم يفدنا الأمين العام كيف يمكن فرض الحظر الجوي من دون استعمال القوة. وتناسى أن القوات الدولية تطبق قرار مجلس الأمن بحماية المواطنين المدنيين أيضا، وليس ما قررته جامعته تحت تفسيره الشخصي. هل موقف موسى مبني على صفقة مع النظام؟ أم هو مرتبط بطموحات شخصية للمقبل من مراحل التغيير السياسي الكبير الجارية في مصر، أم هو دعم يسديه للمجلس العسكري المصري المتفرج على مذابح القذافي في ليبيا، تماما مثلما كان حسني مبارك وأبو الغيط يتفرجان على مذابح غزة مشتركين في حصارها؟ المبادئ والأخلاق وواعز الدين والضمير لم تعد من خصائص العاملين بالسياسة هذه الأيام. وهل كانت كذلك في يوم من الأيام؟ نادرا ما كانت كذلك في تصوري.
كانت هناك أصوات إطلاق نار كثيفة هذا المساء.. هل هي غارات؟ وأين كانت أهدافها؟ القنفود، الذي ربما يأتي بالخبر، كان مشغولا بإذاعة شتائم السيد شاكير لهذا وذاك ومشاهد ديسكو الساحة الخضراء وديسكو باب العزيزية  التي لا ندري إن كانت حقيقةً حية. في الساعة الثانية صباحا أذاعت السي إن إن أن صاروخي كروز قد ضربا مبنى للقيادة والتحكم بباب العزيزية، وبثت تقريرا لمراسلها من هناك يبين الدمار الذي حل بالمبنى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق