(38) اجدابيا ومصراته.. ومرتزقة
عند الساعة الخامسة صباحا كانت هناك أصوات قصف لأهداف شرقي المدينة، وربما في غيرها من مناطق طرابلس. استمر القصف لأكثر من نصف ساعة.. هل هو معسكر تاجوراء مرة أخرى؟
إذاعة مصراته تتحدث عن مرتزقة من اليونان والصرب والجزائر ودول أفريقية وكولومبيا.. نساء من كولومبيا! كولومبيا هي بلاد عصابات المخدرات. لا مفاجئات هنا. هؤلاء المرتزقة (من غير الإفريقيين) هم في الغالب جنود محترفون مسرحون من جيوشهم... قد يكون من بينهم أفراد (بيض) من جنوب إفريقيا كذلك. إنهم يشكلون نموذجا مشابها للشركات الأمنية الأمريكية التي نشرت القتل والتدمير والخراب في العراق... نتوقع أن يكون القذافي معجبا بتجربة بلاك ووتر في العراق... وما الذي يحتاجه لكي ينشئ تشكيلات إجرامية مشابهة لها، يجدها لمواجهة الليبيين وقت الحاجة؟ فقط بضعة ملايين من الدولارات، أو حتى مئات الملايين التي يضع يديه على المليارات منها. وحانت الساعة لكي يطلقها تفتك بالليبيين قتلا وتدميراً.
المجلس الوطني يشكر قطر على مساعداتها الإنسانية لليبيين. أين مصر؟ لم تكن موجودة إلى جانب الليبيين في السياسة ولا في النجدة تحت محنة التقتيل والحصار، ولا حتى قدمت المساعدات من غذاء ودواء؟ هل هي دولة عربية، شعبها مسلم في غالبيته الساحقة؟ هل هي جارة؟ لا أرى موقفها مختلفا عن سريلانكا أو تايلنده. ربما هي مكرمات القذافي على اقتصادها تحت مبارك التي تجعل حكامها الجدد يتمنون استمرار حكمه، أو هو طول السنوات تحت شروط وقيود كامب ديفيد وقد فعلت فعلها ففصلت مصر عن أهلها. غزة خير شاهد على صحة الافتراض الثاني... أتفاءل فأقول ربما.
وجدنا على العرب سات محطتين ليبيتين: ليبيا الحرة وأحفاد القذافي في بث تجريبي. كان جميلا أن نرى القنفود قد انقشع عن وجه ليبيا. القنفود لم يكن يمثل ليبيا أصلا. وعلى ذكر القنفود لا بد من ذكر أن سهرات السيد شاكير متواصلة، ينهيها كل ليلة بوصلة من الدعاء. مقبول.. أكيدة.
وأخيرا... دخل الثوار مدينة اجدابيا من بوابتها الشرقية. البوابة الغربية لا تزال محتلة من الكتائب. ما الذي ينتظرونه؟ محاصرون وخطوط إمدادهم مقطوعة وغطاؤهم الجوي انقشع. ما الذي يجعلهم مستمرين في القتل؟ هل لأنهم مهددون بالقتل في حال انسحابهم، أم لأن ذويهم سيقتلون، أم لسبب آخر ربما يكون أشد هولاً؟ هو الرعب من مصير ينتظرهم إذا ما انسحبوا من دون تنفيذ المهمة... مهمة احتلال بنغازي وترويع أهلها وقتلهم أو تهجيرهم. يجب ألا ننسى خطاب القذافي المروّع مساء الخميس 17 مارس مخاطبا "حبيبته" بنغازي، وهو الخطاب الذي دأبت إذاعته الموجهة إلى بنغازي (تردد792 كيلوهرتز) على تكراره كل يوم منذ ذلك اليوم. خطابات تاريخية يجب ألا ننساها نحن الليبيين: هذا الخطاب وخطاب زنقة زنقة وخطاب ابنه شاهرا سبابته مهدّدا ومتوعّدا.
أخبار عن مقتل خميس في الغارة على باب العزيزية.
أنام هذه الليلة وقد لاحت بشائر مطمئنة... مصراته بدأت تفك أسرها، واجدابيا ستفتح الطريق أمام التحام الشرق بالغرب، وحركة دولية متزايدة باتجاه الاعتراف بالمجلس الوطني. يُضاف إلى كل ذلك ما يبدو أنها اتصالات حقيقية يقوم بها البعض من أتباع القذافي لإيجاد مخرج له. مخرجه العادل الوحيد سيكون عبر محاكمة ليبية عادلة يقف أمامها هو وكل من تلطخت يداه بدماء الليبيين خلال اثنين وأربعين عاما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق