للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


السبت 12 مارس 2011

(25) راس لانوف والزاوية

يتعاظم ضغط نيران القذافي على الثوار في راس لانوف، ويبدو أنهم قد تراجعوا إلى شرق راس لانوف هذا اليوم. أشعر أن مثل هذا التراجع سيكون مؤقتاً لا أكثر. وفي غرب البلاد وجّه القذافي قواته هذا اليوم صوب مصراته. يحسب أنه قد انتهى من القضاء على الثورة في الزاوية... لا أظن أن بإمكانه أبداً أن يسيطر على الزاوية بعد مئات الأرواح التي أزهقها والدمار الذي خلّفه. ستبقى الزاوية ملك أهلها الأحرار، ولن يكون بها مكان أبداً للقذافي وأولاده مهما كان عدد الدبابات التي تقتحم شارعها الرئيسي من وقت لآخر. كذلك هو الأمر بالنسبة لمصراته المجاهدة التي كانت هدفا لهجوم الكتائب اليوم. نقطة التحول الكبرى ستكون سقوط سرت والتحول الأكبر الذي سيغير مجرى الأمور تماما هو التحام ثوار الشرق بثوار مصراته في مصراته.

زرت عدداً من الأقارب في هذا اليوم للاطمئنان على أحوالهم. وذهبت إلى أسواق المواد الغذائية.. الكثير من الأرفف خالية. ستكون هناك أزمة في الغذاء من دون شك إذا ما طال الوضع الراهن. أتوقع أزمات في الغذاء والدواء والوقود، وستأتي تلك الأزمات بسرقات واعتداءات... أرجو ألا نصل إلى ذلك الحد.. يظهر أن السيولة النقدية في تناقص. لقدأت المصارف في صرف عملة ورقية قديمة سبق سحبها، ووضعت حدا أقصى لسحب الأفراد يبلغ 500 دينار في الشهر كما سمعت اليوم.

الأخبار الأولية تشير إلى أن الجامعة العربية، في اجتماع وزراء خارجيتها الذي لا يزال مستمراً، اتخذت قرارا بالطلب من مجلس الأمن الدولي فرض حظر جوي فوق ليبيا. المحزن في الموضوع هو أن هذا القرار قد اتخذ نتيجة ضغوط دولية شديدة.... المهم أن القرار تم اتخاذه بما يوفر غطاءً من نوع ما تطالب به الدول الداعية لفرض الحظر، وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا. سوريا والجزائر واليمن تعارض فرض الحظر بدعوى معارضة التدخل العسكري الأجنبي.. مواقف لا تنسجم مع موافقتها، تحت نفس أنظمتها المهترئة الحالية، على حربين أمريكيتين على العراق سنتي 1991 و2003، ومشاركة سوريا نفسها فعليا وبجنود من عندها في حرب 1991 جنبا إلى جنب مع القوات الأمريكية. ليست الأخلاق والمبادئ والمصلحة العربية العليا هي الفيصل في سياسات العرب تجاه بعضهم البعض وتجاه أعدائهم.. هي فقط مصلحة الأنظمة ودوام سيطرتها على الحكم في أقطارها.

سيف القذافي لم يبق أثرا من الصورة التي رسمها له خبراء العلاقات العامة وأقنعت الكثير من الليبيين على مدى السنوات الخمسة الماضية بأنه سيكون أفضل من أبيه. لقد نزع الغطاء عن وجهه تماماً في خطابه الأول بعد تفجّر هذه الثورة، فإذا بالجريمة والحقد والتسلط ذاتها التي عرفناه في وجه أبيه خلف قناع الديموقراطية والقانون وحقوق الإنسان.

أعلنت الجزيرة هذا المساء عن اغتيال مصوّرها في بنغازي على حسن الجابر. وخرجت بنغازي عن بكرة أبيها في حشد هادر مندّد بالجريمة معلن تضامنه مع الجزيرة وعرفانه لها بالجميل رافعٍ أعلام قطر. لم يكن الجابر محللا سياسيا أو مراسلا يصف ما يراه. لم يحمل الجابر قلما يمكن أن يبالغ أو ينافق أو يهاجم. سلاحه كان آلة تصوير تنقل الحقيقة أمام العدسة كما هي. لذلك اغتاله أعداء الحقيقة. مشاهدة القنفود والاستماع إلى خطابات الأب وابنه تبين بمنتهى الوضوح الوهم الذي تعيشه هذه الأسرة والكذب الذي تحاول أن تشكل به صورة ما يجري. بكينا الجابر لأننا ننحاز إلى الحقيقة والصدق والخير والحياة، مقابل الزيف والكذب والشر والموت. تذكرنا كذلك أن بنغازي ليست آمنة تماما. ورحم الله علي حسن الجابر.

بعد منتصف الليل من هذه الليلة بدد الهدوء صوت سيارة تقف على مقربة من بيتي... شاهدناها عن بعد أمام بيت مقابل. إنها من سيارات الدعم المركزي، صندوق. دبّ في الجميع شعور من الخوف. لم يتوقف محركها. راقبناها فإذا بجارنا يخرج للحديث مع من كان بها. بعد دقائق دخل جارنا منزله ليخرج بعد ذلك بقليل بملابس الدعم المركزي ويمضي مع القادمين.. لم نكن نعرف أنه منهم. الجميع في طرابلس متوتر ويتوجس خيفة من كل حركة. نسمع بالقبض على الكثيرين من منازلهم؛ بعضهم يعود والبعض لا يعود.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق