للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الأربعاء 29 يوينه

(133) 15 عاما بعد بوسليم

في غيابٍ شبه كلي ـ ومريب ـ لتطورات ذات شأن في نشرات الأخبار لهذين اليومين، احتلت الصدارة، وعن جدارة، الذكرى الخامسة عشر لمذبحة بوسليم. هذه المذبحة، ومن دون حاجة لضم جرائم أخرى إليها، تنزع عن نظام القذافي كل ادعاء شرعيةٍ أو انتماءٍ للوطن والشعب ودين الأمة... مذبحة بوسليم، ببشاعتها وساديّة مرتكبيها، تُخرج رجال النظام من رأسه إلى أدنى مراتبه من دائرة الإنسان وتهبط بهم إلى أسفل سافلين.

أتذكر في هذا اليوم الحاجّة مْحموله. كنت أمرّ بغرفتها وهي تصلي، وأعود مراتٍ لأجدها لا تزال تصلّي؛ تدعو الله أن يفرّج كربها بعودة ابنها إليها بعد سنوات طويلة في بو سليم، تحضنه وتسمع صوته، فالحاجة مْحمولة كانت قد فقدت بصرها حزنا عليه. كانت تدعو الله  أن ينتقم لها من ’مقطوع الإسم‘. الحاجة محمولة توفاها الله وابنها لا يزال قابعاً في بوسليم. خرج فضل الله بعد وفاة والدته بفترة قصيرة لنجده في حالة اضطراب نفسي شديد. لم يكن فضل الله الذي كنا نعرف. وتوفاه الله بعد خروجه ببضع سنوات. وأتذكر ابن عمٍّ قُتل في بوسليم في مثل هذا اليوم.. وتلك قصة أخرى من آلاف قصص بوسليم التي ستظل عالقة بذاكرة الليبيين لزمن طويل جدا.

رحم الله شهداء بوسليم،
وجزى الله خيرا آلاف المظلومين الذين قضى الله أن يخرجوا منه أحياء،
وجزى الله خيراً ذوي الشهداء والسجناء في بوسليم وغير بوسليم على مر سنوات الظلام.

السابع عشر من فبراير سيكون عيد الثورة، العيد الوطني الليبي، بلا شك، و 29 يونيه سيكون يوما وطنياً آخر ـــــ يوم الشهداء؟ نستذكره كل عام، يترحم فيه الليبيون على شهدائهم، ويكررون العهد ألا يسمحوا لتلك المظالم والجرائم أن تعود أبداً.

أمس واليوم خرج مصريون إلى ميدان التحرير، وشاهدت عددا قليلا منهم اليوم أمام أمن الإسكندرية. كانوا محتجين لما يعتبرونه تأخرا في محاكمة المسؤولين عن إطلاق النار على متظاهري 25 يناير. كانوا يطالبون بالعدالة لشهدائهم. وتذكّرت جرائم أربعين عاما في ليبيا، وبوسليم إحداها. من الذي يملك عفواً عن عتاة الإجرام في ليبيا أو أن يطلب من الليبيين تسامحاً معهم؟ أي تعهد بالعفو أو عدم الملاحقة القانونية ـ إن حدث ـ سيكون حبراً على ورق... لا أكثر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق