للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


السبت 9 إبريل 2011

(53) اجدابيا.. مرة أخرى

بالأمس كنا نتطلع، وإن بغير تفاؤل كبير، إلى أخبار دخول البريقة، أما اليوم فقد أتت الأخبار بدخول الكتائب مدينة اجدابيا. أيام عصيبة تتناوب مع أخرى من التفاؤل والأمل. لست متشائما حقيقةً، ولكن الثمن الذي ندفعه من الدماء الزكية في ارتفاع مستمر.
واضح أن الرجل وأولاده لن يسلموا هذا الكنز الذي اسمه ليبيا تحت أي ظرف وأي شروط. إن ليبيا ملكهم والليبيون عبيدهم، ولن يرضيهم شيء أقل من ذلك. ليبيا بالنسبة لهم كنز من حيث مواردها الطبيعية الضخمة، وهي كذلك من حيث ممارستهم التسلط والغطرسة تعويضاً، ربما، عن أصل أبعد ما يكون عن علية القوم تاريخاً أو علماً أو مكانة اجتماعية.
مررت اليوم بمحطة حافلات النقل العام الرئيسية في منطقة الظهرة. غطاها سواد دخان أشعل بها ليلة الخميس الماضية، ظهرت بداخلها حافلتان محترقتان.
ظهر القذافي في التلفزيون الليبي في زيارة قام بها إلى مدرسة ابتدائية في زناته. لم ينطق بكلمة. بدأ الظهور منذ بداية الثورة عالي النبرة مهدداً الليبيين متوعداً إياهم، مستخدما في خطاباته مفردات الشتم والبذاءة. سمعناه بعد ذلك يتكلم وقد اختفت صورته. واليوم شاهدنا صورته من دون أن نسمع صوته. ربما نسمع في المرة القادمة أن صوته وصورته، كليهما، قد انقطعا.
سعدت اليوم بالظهور بالجزيرة لأول مرة اليوم لشاب يدعى نزار كعوان تم تقديمه كعضو في ائتلاف ثورة 17 فبراير بمدينة طرابلس. يجب أن يتأكد حضور طرابلس بشكل واضح وفاعل في صلب الثورة. بدأنا نسمع أخبارا عن أعمال يقوم بها شباب طرابلس ليلا، منها هجومات على نقاط تفتيش وانتزاع أسلحة منها، والكتابة على الحوائط ورفع علم الاستقلال.. شوهد أكثر من مرة على مركز شرطة سوق الجمعة. طرابلس محاصرة، الآلاف من شبابها رهن السجون، والخوف مخيم على ساكنيها جراء الحضور المسلح للكتائب ولشباب مدنيين أعطوا السلاح وتم شراؤهم بالمال والسيارات والوعود بالمنازل وغيرها من المنافع. القناصة على الأسطح، والمسلحون تمّ زرعهم في مقرات داخل الأحياء السكنية، مثل الموقع المعروف بمطعم الآثار بحي الأندلس. المسلحون لا يقبلون انتظار دور في محطة بنزين أو وقوفا عند إشارة مرور حمراء، ويشهرون سلاحهم متى شاؤوا أو شاءت ‘السكره’. ولا زال أقصر الطرق وأقلها تكلفة هو يأتي الانفجار من داخل الأسرة نفسها ودائرة أعوانها وخُدّامها من مغفلين ومنتفعين أو المرعوبين لا فرق.
أحد المشاركين ـ أمريكي ـ في برنامج حواري بقناة الحرة هذا المساء رأى أن الولايات المتحدة لا تعرف ما يكفي عن المجلس الانتقالي وعن نوع الحكم الذي ينوي أن يقيمه بعد القذافي لكي تتخذ موقفا بشأن الاعتراف به. المجلس أصدر ورقة تتضمن رؤيته لليبيا ما بعد القذافي قدمها إلى الحكومات الأجنبية طالبا الاعتراف به في ضوئها، وسمعنا أنها لقيت قبولا حسنا عند البعض من تلك الحكومات. أليس الأهم من ذلك أن نتعرف نحن الليبيين على تلك الرؤية؟ ما هي أدوات الانتقال من جماهيرية القذافي إلى ليبيا الحرة الجديدة وآليات ذلك الانتقال وبرنامجه الزمني؟ كيف سيقوم الجسم الجديد بتسيير مؤسسات الدولة الإدارية والعسكرية والأمنية في ظل الولاءات الحالية، القائمة على القبلية والفساد والنفعية من ناحية، وعلى القمع والإرهاب وغياب القانون من ناحية أخرى؟ كيف سيتعامل مع رجال النظام؟ نحن أوْلى بأن نعرف. وليس كافيا بكل تأكيد أن يجري العمل وتقدّم قوافل الشهداء من أجل إسقاط النظام وحسب. ماذا بعده؟ المطلب الأول طبيعته سلبية. الثاني مطلب إيجابي إذا ما تضمن رؤية وبرنامجاً واضحين وآليات مناسبة للتنفيذ. ولا يكفي أن تكون هناك رؤية وبرنامج وآليات... يجب أن يعرف الليبيون.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق