للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الأحد 26 يونيه 2011

(130) مـِيّه مــِيّه


تتصل بقريب أو صديق بطرابلس، فتنتهي بمكالمة ضئيلة المعنى والفائدة، عدا أن الشخص على الطرف الآخر حيّ يُرزق، وأنْ تسمعه يقول في كل مرة أنه والأهل بخير..

كل شيء في طرابلس على ما يًرام.. ميّه ميّه بلغة شباب هذه الأيام!! هكذا هو الحديث مع الأسْرى سكان طرابلس. لقد تحولتُ بعد مكالمةٍ مع طرابلس مساء اليوم إلى نشرة أخبار الجزيرة، فإذا بمقطع فيديو يصوّر عملية قتل مروّعة لمواطنين في منزلٍ بسوق الجمعة.

وفي أثناء الجريمة يتبادل القتلة الحديث وترتفع أصواتهم ضحكاً على من يصفونهم بـ ’الجرذان‘. الضحايا كانوا ملقوْن على الأرض ودمائهم تسيل... مثالٌ على سفالة ونذالة مرتزقة النظام ـ الليبيين ـ بالصوت والصورة. ما سمعته كان أشدَّ وطأة مما رأيته....

رأيت فيهم وسمعت منهم دقائق معدودة تلخص طغياناً استمر اثنين وأربعين عاما... ما كان أصبرنا على القهر والإجرام.

وفي نفس النشرة الإخبارية عرضت الجزيرة صوراً للدمار في شارع طرابلس بمصراته. صدمتني المشاهد، بالرغم من كل ما شاهدته يُبث من مصراته على مدى الأشهر الثلاث الماضية... صمود أهل مصراته البطولي وتضحياتهم سيسطّرها تاريخ ليبيا بأحرف من نور.

هل في مثل هذه التقارير والمشاهد ما يقلق النظام؟ أشك كثيرا أن الأمر كذلك. لقد أشبع القذافي الليبيين قتلاً وتعذيباً وتهديماً للممتلكات منذ سطا على الوطن سنة 1969، وتعمّد أن يرى الليبيون آثاره فيهم، فنصب المشانق في الجامعات والساحات العامة ونقل عمليات الشنق نفسها على شاشات التلفزيون... إرهابي دموي عبثي حتى النخاع.

ورأينا لجنةً من رؤساء إفريقيين تجتمع اليوم في بريتوريا في ’وساطة‘ تبحث عن حل... علّها تأتي بالمزيد من المنافع لهم والمزيد من الوقت لرب نعمتهم.

لقد تجاوزت تضحيات الليبيين كل احتمالات مصالحةٍ أو تعايشٍ مع الطاغية وعصابات إجرامه. وهو لن يرحل طوعاً؛ إنه يشتري المزيد من الوقت للمزيد من القتل والتدمير وهتك الأعراض... ومن بعدُ يواجه نهايته... يومها سيرى الليبيون وجها لم يتخيله أحد، فعملية المسخ مستمرة، والرجل مستمر في الاختفاء عن الأنظار. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق