للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الخميس 19 مايو 2011

(93) بضاعتهم الكذب لا غير

الساعة الحادية عشرة صباحا يقول لي صديق عبر الهاتف أنه حاول الاتصال بي الساعة الثانية صباحا ولكنه وجد هاتفي مقفلا... قلت إنها الساعة الثانية فماذا تتوقع، وماذا كان الموضوع العاجل؟ ولكنه لم يفصح.
إذاعة النظام منذ الصباح تشيد بمناقب أهل بنغازي ووطنيتهم وتاريخهم، وكيف أن عودتهم إلى حضن الوطن باتت وشيكة جدا. مواطنة تتصل عبر الهاتف ‘خانقتها العبرة’ من فرحتها بعودة بنغازي وأهل الشرق. الصورة أمامي على الجزيرة لم تكن توحي بشيء من ذلك؛ كان أمامي عبد الحفيظ غوقة يتحدث من شرفة بفندق أوزو ووراءه البحيرة وفندق تيبستي... يتحدث عن المجالس المحلية والمجلس الوطني وتركيبتهما... للكذب حدود؟ ليس لدى هذا النظام وقنفوده.
بعد الظهر زرت صديقا عائدا من العلاج لأجد عنده أصدقاء وأقارب له وىخرين أتوا بعد وصولي، لم أعرف منهم سوى شخصين. استغربت حديثهم المفتوح من دون تحفظ حول الأحداث الجارية رغم ما كان واضحا من أن لا أحد كان يعرف جميع الحاضرين. وكان مضيفي قد همس في أذني محذرا من أن أحدهم ينتمي للنظام. ظل ذلك الشخص وحيدا وصامتا لم يتفوه بكلمة واحدة طول الجلسة. كانت فرصة لسماع أخبار اليوم بما فيها من إشاعات ومن تمنيات: في الليلة الماضية كان هناك إطلاق نار كثيف في أنحاء عديدة من المدينة.. أكد البعض أن البداية كانت تبادلا لإطلاق النار في باب العزيزية وبوسليم وحي دمشق وسوق الجمعة... ضحايا في بوسليم.. ويبقى الوصول إلى الحقيقة في مثل هذه الأجواء صعبا... انقطع الإرسال المباشر من باب العزيزية المرافق لجلسات شاكير على القنفود... القنفود يعلن أن الجماهير في أحياء وشوارع كذا وكذا في بنغازي قد خرجت معلنة تنديدها  بالمجلس الوطني... عند ذلك خرجت مسيرات وسيارات تجوب شوارع طرابلس مطلقة منبهات السيارات والأعيرة النارية في الهواء ابتهاجا بهذه الانتصارات العظيمة... ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها القنفود مثل هذه الكذبة الكبرى (بضاعة عادية بالنسبة له) لتبدأ الاحتفالات وإطلاق النار في الهواء بهدف التغطية على ما يحدث بالفعل... أبوبكر يونس تمت تصفيته منذ مدة.. المعتصم قُتل في الغارة على البريقة... إلخ
أحدهم نسب للإحصائيات الرسمية أن عدد القتلى بمحطات البنزين في طرابلس بلغ 75 شخصا. يُلاحظ أن عدد سيارات الأجرة التي تجوب الشوارع قد قلّ كثيرا. السبب؟ بيع البنزين في السوق السوداء يدر على السائق ربحا أكبر .. وأسهل... تكلفة اللتر 15 قرشا وسعر البيع 5 دينارات للتر.. هامش ربح معقول!
لا بدّ أن سيف كان يعتقد أن العلاقات التي بناها على توزيع المال والعقود يمنة ويسرة ستنفعه في ساعة عسره. ولا بدّ أنه يتحسر الآن متسائلا أين هم؟ أين ‘مستشار العائلة’ توني بلير وأين اللورد ماندلسون؟ أين نات روثتشايلد وكبار اليهود في العالم؟ أين الذين عرفهم من رجال السياسة والأعمال الأمريكيين؟... أين الذين خالطهم في حفلات مونتينيجرو ولقاءات كورفو والصيد في نيوزيلنده؟ وأين نجوم الأكاديميين في مدرسة لندن للاقتصاد ونجوم العمارة بدءا من اللورد فوستر الذي أتى شخصيا للمشاركة في إطلاق مشروع سيف للجبل الأخضر. شركات علاقات عامة مثل براون لويد وجيمس التي فعلت الكثير ـ مع المال بطبيعة الحال ـ لخلق صورة جذابة ولامعة لسيف. ألا يردّون على الهاتف؟ حقيقة الأمر أن عاصفة 17 فبراير قد أودت بالعقود والوعود وبقشرة المساحيق والألوان فإذا بالصورة الحقيقية للإبن نسخةً طبق الأصل من صورة الأب. ولم تكن هذه الصورة غائبة عن كل أولئك بكل تأكيد. الجديد هو ظهور لاعب جديد على المسرح الليبي اسمه شعب ليبيا الحرة. وعلى العالم ‘الحر’ أن يفسر وأن يكفر عن إساءته لليبيا والليبيين. لقد بدأ على الطريق بحملته الجوية انتصارا للضعفاء والمظلومين ضد الطاغية، وعليه أن ينهي مهمته وأن يقيم علاقات سوية مع ليبيا الجديدة من دون ضغط أو ابتزاز، ومن دون إصرار على خلق دولة تابعة... أليس بالإمكان خلق علاقات من الاحترام والمصالح المشروعة المتبادلة؟ أدرك أن ذلك ضرب من الخيال والتمني.
طيران كثيف فوق طرابلس هذا المساء، وفي الساعة 11.15 كان هناك انفجار عنيف هزّ المنزل.. خرجت إلى الشارع لأجد بعضا من الجيران وآخرين فوق سطح منزليهما.. الجميع يخمّنون ولا أحد يعرف أين كان الإنفجار... بعد ربع ساعة العربية في خبر عاجل.. غارة على ميناء طرابلس... القنفود: خمسة صواريخ على ميناء طرابلس. أرجو ألا تكون الغارة على الميناء بل على هدف محدد له علاقة بحملة القذافي العسكرية. سيكون لتدمير المرافق العامة والبنية التحتية من موانئ وجسور ومحطات كهرباء وطرق وغيرها أثر عكسي لدى المواطنين... وسيصعب تفسيرها من زاوية حماية المدنيين والتعجيل برحيل النظام... أما القذافي نفسه فلا تهمه بنية تحتية ولا فوقية طالما استمر في حكم ليبيا.. وإن تحولت إلى موت وخراب.
الساعة 2.05 صباحا: ستة انفجارات قوية هزت المنازل مرة أخرى. الجيران لا يزالون مستيقظون فقد خرج البعض إلى شرفات المنازل وآخرون فوق الأسطح. أحدهم من فوق السطح يقول أنه يرى دخانا من شرق المدينة.. تاجوراء أبعد من أن يرى دخانا منها... هاتف.. هو الأمن الخارجي أو مطار معيتيقة، ربما... نشرات الثالثة صباحا لم تذكر شيئا عن هذه الإنفجارات الأخيرة.
قبل أن أنام.... برنامج القنفود يبشر جمهوره بأن ‘تحرير بنغازي’ سيتم فجر الغد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق