(90) مطلوب
بدأنا نألف صوت الطائرة في أجواء طرابلس لم تعد تثير الانتباه بشكل كبير، نعلم أنها هناك، لا غير، حتى نسمع صوت ضربة في مكان ما فنتوقف لنتساءل عن اتجاه الدوي الذي سمعنا وأين يمكن أن تكون الضربة. محزن فعلا أن يجد الليبي نفسه بحاجة إلى تدخل الغرباء كي يتخلص من استبداد حاكمه. هذا هو الشعور في طرابلس. الأمر مختلف إلى حد كبير في الشرق ومصراته والجبل الغربي والزاوية وزواره، فقد ثاروا وقدموا الشهداء فداء لحرية وطنهم وانعتاقه من حكم المعتوه وعائلته وزبانيته. وفي الطرف الآخر يوجد ليبيون، من مستفيدين ومن ومغفلين، لا يزالون يدينون بالولاء والطاعة لسارق وطنهم وقاتل إخوتهم.
خرج أوكامبو اليوم ليعلن طلبه الرسمي بصفته المدعي العام بمحكمة الجنايات الدولية، توجيه الاتهام بجرائم ضد الإنسانية للقذافي وابنه سيف وعديله عبد الله السنوسي. بدأ الخناق يضيق، وجسور العودة تُنسف، على الطريق الطويل إلى رحيل نهائي بأي شكل كان حياةً أو موتاً. آخر بهدلة لملك الملوك. نهايات زين العابدين ومبارك وحتى شاه إيران كانت أقل مهانة. وتستمر عملية التحول إلى مسخ خسيء لم نشاهد شكله ووضعه في مشهده الأخير بعد، ونرى بأعيننا عذاب الدنيا يتراكم... وعذاب الآخرة أشد.
أبرمت دولة الإمارات عقدا مع إريك برنس رئيس شركة الخدمات الأمنية الأمريكية XE، بلاك ووتر سابقا، سيئة السمعة نتيجة أعمالها في إطار الاحتلال الأمريكي للعراق، لتدريب كتيبة من المرتزقة يتم استجلابهم من جنوب إفريقيا وكولومبيا وغيرهما كما ذكرت الأنباء. ليبيا هي السابقة في مضمار استخدام المرتزقة لحماية النظام من شعبه. ويبدو أن التجربة الليبية القذافية قد وجدت معجبين بها في الدول العربية.. المرتزقة في ليبيا جاؤوا من الصحراء الكبرى وإفريقيا بالدرجة الأولى، وإن كانت قد استعانت بنساء من كولومبيا أيضا سمعنا بوجودهن ضمن المقاتلين في مصراته تحديدا، وهناك صرب وآخرون من روسيا البيضاء ربما وفق اتفاقيات أو تفاهمات مع دولهم. المدرسة في مختلف الأقطار العربية الثائرة واحدة كما نرى. هناك فروق في التسميات والأغراض واحدة، فالبلطجية في مصر هم بلاطجة في اليمن وشبّيحة في سوريا وطواقي صفر في ليبيا. ولكن المدرسة القذافية هي الأكثر تقدما، وتلعب الآن، رغم فشلها المحتم في نهاية المطاف، دور المعلم. وسيجد الثوار العرب أن مدرسة ثوّار ليبيا هي أيضا الأكثر تقدما في أساليبها وأدواتها وأهدافها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق