للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الخميس 7 إبريل 2011

(51) يوم الشنق


ويعود السابع من إبريل حاملا معه ذكريات سنوات طويلة كان الليبيون يرتعدون خوفاً من مجهولها. تختار اللجان عددا من الطلبة كل عام ليتم شنقهم في ساحات الجامعات أمام الطلبة وأعضاء هيئات التدريس. أذكر سيدة ألمانية مقيمة في طرابلس تتكلم العربية بطلاقة ولها اهتمامات بالشعر العربي تحكي بفزع كيف أنها كانت جالسة أمام إحدى الكليات  وقد شاهدت حشدا من الطلبة عن بعد دون أن تكترث بما كان يجري. أبلغت بعد ذلك أنهم كانوا يشنقون أحد الطلبة. ويتزامن الشنق العلني في الجامعات مع احتفالات تمجد ذلك اليوم وتلك الأفعال. ما أشبه تلك الأيام بهذه الأسابيع الطوال التي يتزامن فيها القتل والتدمير في مدن ليبيا شرقا وغرباً مع الغناء والرقص والاحتفالات بـ ‘الانتصارات’. ماذا يعني الانتصار في هذه الحالة؟ أظنه يعني قتل الليبيين وإذلالهم وقهرهم بكل الوسائل بحبال المشانق في الجامعات وبالمدافع والدبابات في بنغازي والزاوية ومصراته والجبل الغربي وأينما رفع ليبي رأسه، وبكاتمات الصوت في شوارع أوروبا.. وبالتعذيب والترهيب في الزنزانات وعلى شاشات التلفزيون وفي الأقبية حيث لا يخطر على بال أحد. ولا زلنا نجد لهذا النظام مناصرين ومبررين من مستفيدين ومغفلين حتى بعد انقشاع آخر طبقة ساترة لطبيعته وحقيقته.
ضربت قوات الأطلسي قوات الثوار على مشارف البريقة بالصواريخ. قتل عدد من الثوار ودمرت آليات من بينها ثلات دبابات (يحلفوا براسهم) وسيارة إسعاف.. خطأ يقولون.. قد يكون وقد لا يكون. وانسحب الثوار مسرعين للدفاع عن اجدابيا مرة أخرى. إن شيئا ما يجري تحضيره في الخفاء، والصفقات يجري التفاوض بشأنها في عواصم العالم. أما الليبيون فليس مصيرهم أهم من مصالح الغرب والشرق ـ تركيا والجزائر أبرز أمثلتها ـ المتعددة والمتضاربة أو من الاعتبارات السياسية الداخلية في كل من هذه البلدان. يجري ابتزاز للمجلس، أي ابتزاز الليبيين وهم في حال ضعف شديد. الأمريكيون لا يكفيهم أن يطمئنوا لعدم وجود هام للقاعدة والتطرف في صفوف الثوار، فهم يريدون التزاما بمواصلة الانخراط فيما يسمى بحربهم على الإرهاب بنفس المساحة والحماس اللذين طبعا تعاون القذافي في الحقبة التالية لتسليمه برنامج أسلحته. ولا شك أن هناك شروطا أخرى في مجالات ما يسمى بالسلام في الشرق الأوسط والنفط والاقتصاد وغيرها... كم ليبياً سيموت في هذه الأثناء؟ لا يهم كثيراً.
وسمعنا الطائرات فوق طرابلس ودوي ضربات لم نعرف أين كانت.
الغرب لا يرضى أن يجلس على الكراسي غير ‘الأصدقاء’. العودة إلى أين وصلت ثورتا تونس ومصر، قد تلقي ضوءاً على كيفية تعامل الغرب مع ثورة ليبيا وغيرها من ثورات العرب المتتالية. الغرب يفضل ‘الأصدقاء’ المجرَّبين بطبيعة الحال، ولو كان له الخيار ما كان زين العابدين ومبارك قد رحلا. أفضل الحلول بالنسبة له في ظروف هذه الثورات هو التضحية برأس النظام والإبقاء على ما يمكن الإبقاء عليه من النظام نفسه. جيء بالمبزع رئيسا للدولة في تونس وبقي الغنوشي رئيسا للحكومة وحكومته بعد رحيل زين العابدين حتى بدأت تلك الحكومة تتآكل تحت ضغط الشارع والاتحاد التونسي للشغل على وجه الخصوص، وفي النهاية سقطت مع رأسها. عندها استعيد قايد السبسي من اعتكافه الطويل. وفي مصر أتوا بمجلس عسكري برئاسة طنطاوي وعضوية جنرلات دانوا بالولاء لقائدهم الأعلى مبارك حتى اضطروا لتنحيته تحت ضغط الشارع وبمباركة من الوصي الأعلى على النظام، وهو الذي دربهم وسلحهم. ولا تزال الثورتان لم تحققا أهدافهما بإسقاط النظام كلية. القوى الغربية الفاعلة تفضل الوجوه التي تعرفها إلى أن تطمئن إلى وجوه جديدة لا تزال في طور الإعداد والتطويع والاختبار. هل الغرب في طور إضعاف الثورة الليبية إلى الدرجة التي تقبل فيها بنصف انتصار؟
وتكلم أردوغان ليرد على اتهامات الليبيين له بعرقلة حمايتهم من كتائب القذافي وبأنه يقدم مصالحه المادية على انعتاق الليبيين من قبضة الاستبداد. كان كلاما رأى فيه البعض تطورا في الموقف التركي، ولكنه يظل كلاما وحسب. أعلن أردوغان خطوطا عريضة للحل لم تشمل رحيل القذافي وأسرته... الذي هو الشرط والأساس لأي حل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق