للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الإثنين 5 سبتمبر 2011

(201) بيــت الجريـــمة
صاحب اليوميات: نورالدين السيد الثـلثي


وزرت باب العزيزية. كان المعسكر يغص بالليبيين رجالا ونساء وأطفالا، رغم توجهي إليه وقت الظهيرة. توقفت أمام المنزل الذي استهدفه القصف الأمريكي سنة 1986. لم يكن المنزل المسمى ببيت الصمود مركز اهتمامين بل المنصة المقامة أمامه، والتي كانت وجهة رجال ونساء في سهرات أقيمت تلبية لأمر قائدهم "افرحوا وارقصوا وغنوا"، فجاؤوا إلى حيث ’استمتعوا‘ في سهرات توالت لأسابيع طويلة. هنا أقيم مشهد يومي عابث فاسد كان جزءاً من آلة التضليل والكذب والتزييف التي استهدفت الليبيين والخارج، وحققت قدرا من النجاح لا يُنكر، مصحوباً بقدر كبير من الإحباط والعذاب النفسي.


دخلت أطلال المبنى التي أرادها القذافي متحفا شاهدا على بطولاته وصموده، ومن أعلى سطحه ظهرت أمامي مساحة كبيرة متفحمة... آثار خيمته.... الله أكبر.

وعلى بعد خطوات من ’بيت الصمود‘ شاهدت أشخاصا اصطفوا لينزلوا تحت واحدا تلو الآخر. اقتربت لآخذ دوري. باب ’الحفرة‘ لا يزيد عن متر مربع، وقد كتب أحدهم عليه "هنا الجرذ‘. السلم الحديدي يؤدي إلى ممر طويل مظلم، يتفرع ويؤدى إلى مساحات ما لم أستطع أن أتبين ما كان بها، فالإضاءة كانت محدودة جدا مقتصرةً على مصباح يعمل بالبطارية كان يحمله أحدهم أمامي. جماعات من الشباب خلقوا جواً احتفاليا غنائيا: زنقه زنقه دار دار.. شفشوفة معليشي...

وصعدت في نهاية أحد الممرات لأجد نفسي داخل منزل قد أضرمت النار في جوانبه ونُهب ما فيه. مرة أخرى، المكان مظلم، ولا يبدو أن للشمس منفذاً إليه. الظلام وما تحت الأرض، وللزائر أن يسأل من هم الجرذان؟

وفي ركن آخر ـــ فوق الأرض هذه المرة ـــــ ملهىً للأطفال تبرز فيه لعبة الفناجين الدوّارة. مشاهد سيريالية حيثما تلتفت في هذا المجمع الذي كان بمثابة القلب النابض للجريمة الكبرى.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق