للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


24 رمضان/ أغسطس 2011

(189) انتحار في جونـز تـاون

صاحب اليوميات: نورالدين السيد الثـلثي
سمعناه يواصل هذيانه حتى بعد سقوط باب العزيزية، وسمعنا بعضاً من أتباعه يهددون الليبيين. وتم قصف طرابلس ومصراته والعجيلات قصفا عشوائيا، واستُعملت صواريخ سكود. وقال الزعيم إنه قد انسحب من باب العزيزية انسحابا تكتيكيا!!!



معمر القذافي شخص مريض.. ذلك شيء واضح بقدرٍ لا يجادل فيه أحد، أما طبيعة المرض فنتركها بطبيعة الحال للمختصين.

وماذا عن أتباعه؟ رأيناهم على شاشات التلفزيون. وقد توقفتُ شخصياً مشدوها أمام العديد من الصور لأشخاص فيما يشبه ’النوبات‘ الهستيرية، وكنت أتساءل ’هل يمكن أن يكون هذا كله نوعا من التمثيل؟‘ الجواب في الغالبية العظمى من الحالات ربما يكون بالإيجاب، ولكن كانت هناك حالات أخرى - خاصة بين النساء فيما لاحظت - مغرقةً في التشنج والصراخ وتعبيرات التعلق بالشخص لذاته. تلك التصرفات كانت أشبه بطقوس عبادة بين تُبّع ومعبودهم. وذلك هو الوجه الآخر للعملة.

كنت أتحدث مع قريب هذا المساء فأجمل الحالة – بوجهيها – بالكلمة الإنجليزية cult.
نعم، ما أسس له القذافي على مدى إثنين وأربعين عاما كان ’ديناً‘ بمعنى من المعاني، والأقرب أن نقول ممارسات وطقوساً وثنية، تتمحور حول عبادته هو من قبل أفراد يُسلبون سيطرتهم على التفكير. هم تابعون يدورون في فلك معبودهم، منتشين، سكارى، غائبين عن كل وعي بشيء يغادر محيط المعشوق المعبود. ونهايتهم عادة ما تكون مأساوية.

تُعد كنيسة "معبد الشعب" من بين أشهر هذه الحركات الدينية الشاذة. أسّس الحركة شخص يُدعى جيم جونز. كان جونز شيوعيا، ولكنه التحق بالكنيسة للدراسة كرجل دين، وانفصل عنها ليؤسس "كنيسة معبد الشعب". كوّن لنفسه أتباعا يبث بينهم أفكاره الاشتراكية وغير الاشتراكية، ومستعملا حيلا وخدعا أقرب ما تكون لممارسات الشعوذة.

وبمرور الوقت استعمل أساليب "إخضاع عقول" أتباعه لما يريد. ونجح في تكوين بطانة من الأتباع انتقل بهم إلى موقع معزول في جزيرة غويانا الكاريبية، عُرف باسم جونز تاون.

وفي سنة 1978، قام سناتور أمريكي بزيارة الجزيرة ليفحص بنفسه حقيقة معبد الشعب، فهاجمه أعضاء من المعبد في طريقه عائدا من جونز تاون وبرفقته زملاء لهم، فقتلوه وآخرين.

وكانت النهاية بأن أعطى جيم جونز الأمر لأتباعه بشرب عصير عنب مخلوط بالزرنيخ في عملية انتحار جماعي. فماتوا جميعا: 918 شخصاً من بينهم 270 طفلا.

وهناك "فرع الداوديين" الذي تزعمه ديفيد كوريش. كانت للزعيم هنا سطوةٌ على أتباعه مماثلة لسطوة جيم جونز. من بين ما عُرف من ممارساته أنه طلق الأزواج، وعاشر النساء من أتباعه واغتصب الأطفال. حاصرت إف بي آي مقر الفرع في ويكو تكساس سنة 1993، وانتهى الحصار بعد 50 يوما بحريق هائل مات فيه 75 من الأتباع من بينهم 25 طفلا.

وفي غد قريب ستنكشف جونز تاون أو ويكو تكساس أخرى.. وانتحار جماعي؟

هل ستكون ناراً أم الزرنيخ أم شيئاً آخر؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق