للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الأربعاء 8 يونيه 2011

(113) مسؤولون


كنت في مطار تونس قرطاج أودع صديق وأسرته في طريقهم إلى بنغازي على متن طائرة للخطوط الليبية يسيّرها المجلس بين بنغازي وتونس بإذنٍ خاص ولأغراض إنسانية. تصل الطائرة في ثلاث أربع رحلات في الأسبوع ناقلة مصابين من الشرق ومن مصراته كانوا قد وصلوا إلى بنغازي عن طريق البحر، لغرض العلاج في تونس. وتعود الطائرة بأسر ليبية في طريقهم إلى مدن الشرق أو إلى مصراته. صالة المطار كانت تعج بالليبيين وقد أعياهم السفر من طرابلس والتوتر والقلق المصاحب لتلك الرحلة الطويلة الشاقة. لم تصل الطائرة من بنغازي، وتأكد بعد انتظار طويل أنها لن تصل، فترك الركاب المطار إلى المدينة ليبحثوا عن أماكن يبيتون فيها ليلتهم. وحقيقة الأمر أن الطائرة قد لا تصل لعدة أيام وأن بعض الركاب لا يملكون المال الذي يتطلبه البقاء لمدة قد تطول. وتردّد أن السبب في ذلك أن الخطوط الليبية في طرابلس القذافي اتصلت بالسلطات التونسية المختصة لتعلمها بنواقص ومخالفات فنية تمنع تلك الطائرة الوحيدة التي كانت في مطارات الشرق كله عند اندلاع الثورة من الطيران، وتحمّل السلطات التونسية مسؤولية مخالفة قواعد الطيران الدولية إن هي سمحت لها بالإقلاع من مطاراتها. ليس مثل هذا العمل المؤذي لليبيين، مرضى أو أصحاء، بغريب عن نظام القذافي. ولكن الذي يدعونا إلى التوقف عنده هو حقيقة أن هناك مواطنين ليبيين من التكنوقراط الذين ينفذون الأوامر ويجتهدون لتكييف الوقائع ويديرون الاتصالات وتجهيز المذكّرات متضمنة ما يلزم من حجج ومراجع فنية وقانونية لكي يصل صاحب الأمر إلى غايته. قد تكون هذه الرحلات الجوية سببا في إنقاذ أرواح، وإلغاؤها سبباً في موت آخرين. هؤلاء شركاء للنظام في الجرم. هل هو الخوف أو غياب الضمائر أو الإثنان معا؟ لا يستطيع موظف الدولة أن يبرّئ نفسه من جرائم النظام متذرّعا بتنفيذ الأوامر. وهي ذريعة واهية تماماً متى استحضرها من وصلوا إلى المستويات الأعلى من السلم الوظيفي. جميعهم مسؤولون بدرجة أو أخرى، ما يجعلني أتساءل عن المقربين في هذه الفترة العصيبة بالذات: هل ينامون؟

 
ذكرت أجهزة الإعلام التونسية اليوم أن عدد العابرين لحدودها من نقطة راس اجدير بلغ 6000 شخصا، وهو رقم يمثل زيادة كبيرة على الأيام السابقة. قد يكون أحد الأسباب هو توالي انتهاء امتحانات النقل بالمرحلتين الابتدائية والثانوية، إضافة غلى الارتفاع في حدة القمع والترهيب نتيجة إدراك النظام أن الساعة قد أزفت. صديق وصل يوم أمس قال لي إن رحلته التي بدأت عن الساعة السادسة صباح يوم الثلاثاء أوصلته إلى الجانب التونسي من الحدود عند منتصف الليل.. 18 ساعة لقطع 170 كيلومترا ! أخشى أن يغلق النظام الحدود مع تونس في وجه المواطنين العاديين في الأيام القريبة.

وأخيرا انطلق إرسال قناة ليبيا الأحرار على النايلسات. وقد جاء ذلك بعد مماطلة مصرية طويلة في إطار سياسة رسمية غير متعاطفة مع الثورة في ليبيا أو تحت إغراءات لا يخفى مصدرها. ويجيء الكرم المصري  ـ غير المجاني ـ هذا وقد بات واضحاً أن أيام النظام الليبي باتت معدودة، فلا فائدة من البقاء على متن سفينة غارقة.

في جميع الحالات سيكون لبث ليبيا الأحرار على النايلسات أثره الكبير على الساحة في الغرب الليبي، فالغالبية العظمى لصحون الالتقاط في طرابلس موجهة نحو النايلسات. سيكون لليبيا الأحرار أثرها الكبير لمستواها المهني العالي من ناحية، وللوضع البائس الذي نرى فيه قنوات القنفود هذه الأيام بعد أن استنفد كل طاقاته في الكذب والدجل والشعوذة، وبعد أن ملّ الليبيون العروض اليومية لشاكير وهالة وحمزة وقادربوه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق