للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الإثنين 6 يونيه 2011

(111) نازحون في انتظار الحكومة

تقابلت مع ليبيين نزحوا.. ولكن قلوبهم لا تزال هناك، مع ذويهم ومع وطنهم في محنته. منهم من أعطى وقته وإمكانياته ووظف علاقاته لخدمة إخوة نزحوا إلى مخيمات للاجئين أو أقاموا في ضيافة أهل البلاد. أغلبهم لا يملك ما يكفي قوت يومه هو وأسرته، ومحنتهم قد تطول. قابلت سيدة أتت من بريطانيا ضمن مجموعة من الليبيات اللاتي أنشأن جمعية لغرض مد يد العون لإخواننا النازحين من الجبل الغربي، وقابلت آخر قدم من أقصى شرق ليبيا لنفس الغرض. سعيهم جميعا مشكور، ولكن المهم كذلك أن نرى مسؤولين من المجلس الوطني الذي يعوّل الليبيون عليه في عبور واثق نحو المستقبل وقد تحررت البلاد من حكم الطاغوت. ليست بالإمكانيات المادية وحدها تُبنى العلاقات والثقة والمستقبل. إن النازحين في جنوب تونس هم من أحوج الليبيين لمد يد العون، إن لم يكونوا أحوجهم. لقد بذلوا الكثير وضحوا بالكثير، وهم الذين لم يحظوا إلا بالقليل في مهجرهم كما كانوا محرومين في وطنهم. يا مجلسنا الوطني... التفتوا إلى مواطنيكم النازحين من جبل نفوسة الأشم... بزيارة .. بلفتة تضامن .. إذا لم يكن لديكم المال.
وفي مستشفيات صفاقس والعاصمة توجد أعداد كبيرة من المصابين... سعدت عندما أُبلغت بأن بعض الليبيين الموسرين يقومون بدفع تكاليف العلاج، وأسفت كثيرا عندما وجدت بعضهم ينفقون على علاج أبناء مدينتهم دون غيرهم. أين الخطأ في علاج مجاهدين وأبرياء مصابين من الجبل أو من الشرق؟ لن أعلّق.
متى تسود فـئة ذات ثقافة ومجموع قيم تختلف بل وتصطدم في بعضها مع ثقافتك وقيمك.. عندما تجلس أمام التلفزيون فترى وتسمع ما هو منكَر شكلا ومنطقا وأهدافا... عندما تعني الحياة  في أحسن الأحوال حداً أدنى من الكرامة ومساراتٍ وسطاً بين ما ينبغي أن يكون وبين ما لا يودي إلى التهلكة.. عندما تعيش في حالة مستمرة من الخوف على نفسك وأولادك ومالك... عندها أنت غريب وإن كنت في ما تسميه وطنا... غربة زمان. وتترك الوطن  لتجد أنك قد انتقلت من غربة إلى غربة. ما يختلف هو اختفاء الإرهاب المسلط على العباد بالاعتقال والتعذيب والقتل والإذلال لأي سبب ومن دون سبب. أذكر أحدهم التقيته في مناسبة اجتماعية في طرابلس يتحدث عن خوف يتملكه من أن يُطلب منه أن يتحدث في وسيلة إعلامية عن جانب من جوانب الأزمة التي تمرّ بالبلاد.. ماذا يقول؟ ماذا إذا اختير ضمن مجموعة تمثل قبائل أو مناطق أو فئات مهنية لتقوم بالتمثيل الممجوج والمهين معلنين تمسكهم بالقائد وتخوين الثوار واستنكار العدوان الصليبي.... والدخول في حلقة من حلقات التهريج والهتاف والتصفيق؟ ذلك نوع من الإرهاب ومن الإذلال يأباه كبرياء النفس وكرامتها... ويتحرر منه من يختار غربة المكان على غربة الزمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق