للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الجمعة 9 سبتمبر 2011

 (205) العدالــة العاجلــــــة
صاحب اليوميات: نورالدين السيد الثـلثي
لأقلية الخارجة عن القانون، للمجرمين الذين أخذوا ما استطاعوا أن يضعوا عليه أيديهم، أقول: إننا سنقتفي آثاركم.. سنجدكم.. سنوجه التهم إليكم.. وسنعاقبكم. ستدفعون ثمن أفعالكم".
الكلام هنا كان لديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا، والجرائم كانت تلك الناتجة عن أعمال الشغب والتخريب والسرقة التي حدثت في لندن وغيرها من المدن البريطانية خلال الأسبوع الأول من الشهر الماضي.
وتحركت الجهات القضائية بسرعة، حتى أن المحاكم استمرت في انعقادها على مدى أيام وحتى ساعات الصباح الأولى. إنها العدالة العاجلة. خلال أيام كانت صحائف الدعوى قد أُعدّت، ومثُل أمام المحاكم 1300 شخصا خلال أسبوعين من ارتكاب الجرائم.
التعجيل في إنزال العقوبات المقررة قانونا بينما صور الجريمة لدى الجمهور لا تزال حية له أهمية غير خافية. التعجيل يظهر بقوة أن أجهزة تطبيق القانون قادرة وجادة، وتُعطي أصحاب الحق حقهم من دون تأخير قد يؤدي إلى ضرر إضافي، ويُدخل الطمأنينة إلى نفوس المتضررين وعموم المواطنين.
مثالان عن الجرائم المعنية في خطاب كاميرون أمام البرلمان والعقوبات التي أقرتها المحاكم:
نيكولاس روبنسون: سرقة صندوق من زجاجات الماء ـــــ العقوبة 6 أشهر،
توماس داوني: سرقة كيكات ـــــ العقوبة سنة وأربعة أشهر.
هكذا تعاملوا مع جرائم الشغب وإتلاف الممتلكات والسرقة. وماذا نحن فاعلون في جرائم القتل والتعذيب تحت الاعتقال بأبشع الصور؟
جريمة حاويات الخمس مثالاً:
في الليلة الماضية دُعي ذوو الشهيد طارق فتح الله بن حليم إلى مستشفى طرابلس المركزي علهم يتعرفون على جثمان طارق، وهو الذي استشهد يوم 6 يونيه الماضي. وتعرف عليه ذووه وصديق له وأحد الناجين من حاويات الخُمس بثيابه. وغدا، إذا ما تمت الإجراءات سيتم دفن رفاته. اتضح أن الأمر قد صدر بنقل جثامين شهداء حاويات الخمس إلى العربان بجبل نفوسه وحرقها هناك. إلا أن المكلفين بتنفيذ الأمر خالفوا الأمر إحراق الجثامين ودفنوها بدلاً من ذلك. وشاهدنا بقناة الجزيرة هذا المساء مقطعا مصورا للتعذيب داخل إحدى الحاويات، وأحد الناجين من رفاق طارق يتابع وصف ما حدث. البحث أدى إلى التعرف على هوية بعض المجرمين الذين تم بأيديهم التعذيب والقتل خنقا والأمر بالإحراق. المعلومات تفيد أن أحدهم قد هرب من البلاد، إلى تونس ربما.
رأينا عدالتهم في التعامل مع جرائم الشغب وإتلاف الممتلكات والسرقة (سرقة صندوق من زجاجات الماء مثلا). متى نرى العدالة تأخذ مسارها في الجرائم الكبرى المرتكبة بحق الليبيين، والتي ستظل محفورة في الذاكرة على مدى تاريخ ليبيا. متى نرى كل أولئك المجرمين الذين سيصل عددهم إلى المئات وربما الآلاف ماثلين أمام القضاء؟ إلى متى سينتظر الليبيون ـــ كل الليبيين وليس فقط ذوو الشهداء ــــ العدالة أن تأخذ مجراها؟ كل تأخير في مسار العدالة سيزيد من احتمالات أن يمسك المواطنون القانون بأيديهم، مطلقين عمليات قصاص وانتقام وفوضى تطال الأبرياء وتهدد السلم الأهلى بعد محنة المواجهة مع نظام دموي امتدت إلى ما يزيد عن ستة أشهر. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق