للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الخميس 15 سبتمبر 2011

(211) أول الضيوف ’صليبيون‘

 صاحب اليوميات: نورالدين السيد الثـلثي
كانت المساندة العسكرية النشطة من حلف الأطلسي عاملا حاسما في نجاح النضال الملحمي الذي خاضه ثوار ليبيا على مدى أكثر من ستة أشهر. لم تقتصر تلك المساندة على ضربات جوية فرضت نفسها السمع والبصر، فقد تجاوزتها في الميدان العسكري نفسه وإلى ميادين السياسة والدبلوماسية والاقتصاد. كان تدخل هذه الدول حاسماً ليس فقط لنجاح الثورة ولكن أيضا في إنقاذ مدينة بنغازي وما وراءها من هلاك محقق. نحن إذن مدينون لتلك الدول لتدخلها الذي كان له وجهه الإنساني الناصع علاوة على مضمونه التاريخي الفاصل. وكان في موقع القيادة دولتان هما فرنسا وبريطانيا.
لذلك كان طبيعيا أن يحظى ساركوزي وكاميرون بالاستقبال الشعبي الحار الذي حظيا به في زيارتهما لليبيا هذا اليوم. وكان الزعيمان كريمين في التعبير عن إكبارهما لثورة ليبيا وثوارها. خاطب كاميرون الليبيين في ميدان الحرية في بنغازي قائلاً: "القذافي قال إنه سيطاردكم كالجرذان، فرددتم عليه بشجاعة الأسود".
ولا يزال كثير من العروبيين ـــــ واليساريين ــــ ناقدين غيرَ راضين. منهم من يصف الثوار بالتبعية ويسميهم "ثوار الناتو". أولئك قوم ينظرون إلى الأحداث دون اهتمام بمقدماتٍ أو أسباب أو سياق تاريخي أو اعتبار إنساني في أبسط مفاهيمه. في تبسيط شديد نرى اختياراتهم تنتقل ما بين أبيض وأسود في غياب شديد لما بينهما من درجات أو خارجهما من ألوان. هو استقلال أو استعمار، ولا محلّ لحرية المواطن وكرامته أو حتى حياته في حساباتهم. لم يكتفوا بسلبية مواقفهم ومواقف العالميْن العربي والإسلامي ــــ باستثناءات معروفة ـــ تجاه ما وقع تحته الليبيون من ظلم ومهانة من نظام فاجر قلّ مثيله. كانوا على استعداد للوقوف متفرجين على مذبحة كبرى محققة. هل يفضّل أولئك لو وقعت المذبحة بدلاً من النجاة منها على يد ’الحملة الاستعمارية الصليبية’؟ لم يكن هناك بديل ثالث، فأنظمة العرب عاجزة وعروبيوهم في آذانهم وقرٌ وعلى أعينهم غشاوة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق