للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الثلاثاء 24 مايو 2011

(98) فوفوزيلا

طيران كثيف فوق طرابلس هذا المساء.. بدأ القصف حوالي الواحدة بعد منتصف الليل واستمر لمدة حوالي 40 دقيقة. الجو بارد والسماء غطتها السحب. خرجت إلى شرفة المنزل فكان عدد كبير من الجيران فوق الأسطح.. اثنان منهما كانا فوق خزان المياه.. كن منظرهما ملفتا. كنا نرى السماء مضاءة باللون الأحمر عند انطلاق الصاروخ ثم نسمع بعد ذلك بقليل صوت انفجار أو اثنين. الانفجارات هذه الليلة كانت عنيفة جدا، وعددت منها 19... الجديد كان أصوات الصفير الصادرة من جيران الحي... بل أضاف أحدهم صوت فوفوزيلا بعد كل انفجار... هل عاد بها من كأس العالم في جنوب إفريقيا! قناة العربية تردد ما تذيعه أجهزة النظام، تقول في نشرة الثانية صباحا أن عدد الانفجارات كان 17، وأن هناك قتلى وجرحى مدنيين، وان هناك متظاهرين محتجين على الغارات التي روعت المدنيين.
البحث لا يزال جاريا عن الشابين المختطفين من منزلهما بحي الأندلس ليلة الأحد الماضي 22 مايو.. قيل إنهما في معسكر الكتيبة 77 بالعزيزية.. ذهب صديق لهما ببعض الملابس إلا أنه لم يسمح له بمقابلتهما... ذلك إن كانا موجودين هناك أصلا. الأسرة هنا أصولها من شرق البلاد مقيمة بالغرب منذ أكثر من خمسين عاما. أقول من الشرق، وهو تمييز فجٌّ بين ليبي وليبي، لأن النظام يعمل جاهدا للوقيعة بين شرق وغرب ضمن مخطط لبث الفتنة والتناحر بين فئات الشعب الليبي.. بين شرق وغرب وبين قبائل يعمل جاهدا لإعادة اختراعها وتغليفها كتجمعات معنية بالشأن الوطني العام، معوّلاً على عصبيات يبعثها من قبورها... يسهل عليه تغذيتها وتوظيفها لإشعال نارٍ تقسّم وتدمّر كل شيء قبل الرحيل. وهذا أمر لم يحاول النظام إخفاءه بل أعلنه صراحة في خطابات الأب والإبن. والمتتبع لإعلامه البائس يرى بوضوح كيف يحاول تصوير ثورة شعب ليبيا على أنها حركة عصيان من أهل الشرق الذين ’استقووا بالغرب الصليبي‘ ضد بلادهم وأمنها ورغد العيش فيها، محاولاً في هذا السبيل أن يتجاهل ثورة أهلنا في جبل نفوسه ومصراته والزاوية.
لقد كانت أحداث تلك الليلة فاصلة في تعزيز ثقتي في صواب قراري ترك الوطن في هذه الفترة العصيبة من تاريخها. لقد استخرت وتوكلت.. يصعب  أن أتصوّر أنني راحل عن وطني مرغماً.. لاجئاً؟ نازحاً؟  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق