للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الثلاثاء 26 إبريل 2011

(70) سقوط الرأس وبقاء النظام

ويستمر حديث المدينة حول النقص الشديد في البنزين، وعن الشجار والمصادمات بالمحطات... وعن القتلى.
ضغوط كبيرة تمارس على موظفي الدولة للخروج في مسيرات يوم غد. الأوامر تقضي بالتوجه في حافلات وليس بسيارات خاصة، وكل من يتخلف عن الحضور سيُفصل!
سبعة من رجال الأمن قفزوا فوق سور منزل صاحبي وطرقوا الباب الداخلي في منتصف الليل. طلبوا إرشادهم إلى حيث توجد كومبيوتر الإبن (مهندس حاسوب). شغلوا الحاسوب وفتشوا الملفات. لم يجدوا شيئا يثير شهيتهم وتركوا.
قصف الكتائب الهمجي لمصراته انتقاما لاندحارها من وسط المدينة مستمر. العنصر الجديد اليوم كان محاولة الهجوم على ميناء قصر حمد عن طريق ضفادع بشرية يقول الثوار أنهم قضوا عليها... عيب يا... لا أستطيع حتى أن أقول خاف ربك.. لأن الرب الوحيد الذي تعرفه موجود على الأرض.
الجديد اليوم كان ضرب الكابل البحري شرق وغرب سرت، وتمّ كذلك ضرب مظومة الألياف البصرية في منطقة الخمس. بعد ضرب محطتي المايكوويف شرق سرت وغربها منذ بضعة أيام يتضح أن الهدف هو عزل اتصالات الكتائب بقيادتها تماما في جبهة اجدابيا سرت.... إن كانت لا تزال باقية. أتصور أن خطوط الإمداد مقطوعة أو في طريقها إلى القطع... وننتظر تقدم الثوار إلى سرت.
تبقى قناة الجزيرة الدولية هي الأفضل في نقل الأحداث من ليبيا. لها مراسلون مميزون بنغازي ومصراته وفي طرابلس إلى أن رفض النظام تجديد إقامتها وإذا بأنيتا ماكنوت تظهر في نالوت المحررة. تقاريرها كذلك مميزة وفريدة.. الصور من سوق خضروات مصراته وبداخله سبعة من دبابات الثوار أعطبها الثوار. وقصة عادل الحاسي الذي خرج وحيدا في اليوم الموعود، يوم 17 فبراير، أمام المحكمة في بنغازي يهتف بسقوط النظام، وإذا بالسيدة مريم علي سالم تمنع الأمن من القبض عليه. بودي أن أقابل الإثنين قريبا إن شاء الله. لهذه الثورة قصصها التي تكتب مجتمعةً تاريخ أيام مجيدة.. وعصيبة نعم.. قصص من الشجاعة والتضحية.. من ألم فقد الأعزاء وعذاب الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ.. قصص ستروي إلى أي مدى يمكن أن يصير الإنسان وحشا قبيحا عاريا من كل قيمة سامية أو فطرة سوية... لقد حول نظام العبث والسفه والفساد جزءا لا يستهان به من شعبنا إلى درجات من الانحطاط لم يكن الكثيرون ليهبطوا إليها لولا تزيين القذافي لها وتحريضه عليها... بعضهم تورط وقد نسف جسور العودة، والبعض الآخر لا يزال في غيه.. يبرطع... إلى حين
هناك شيء ما يجري التحضير له. اجتماع لوزيري دفاع الولايات المتحدة وبريطانيا مع رئيسي الأركان في البلدين يشير إلى شيء ما كبير. من ناحية أخرى نرى وزير خارجية القذافي في أديس، وتنقل الأخبار وجود ‘اثنين من السفراء المنشقين’ لمناقشته... ماذا هناك يمكن أن يُبحث؟ يجب عدم إعطائه أي بصيص أمل في إمكان استمراره أو أحد أولاده فاعلا في الشأن الليبي بأي صفة كانت.. إدارة مؤقتة.. مرحلة انتقالية.. حكومة مختلطة... حل يمني أو تونسي أو مصري.. يجب ألا نفتح الباب أمام مراوغة القذافي وخداعه أو إعطائه ولو بصيصا من أمل أو فرصة لالتقاط أنفاسه...
قذاف الدم ومفتاح بوكر أنكرا للإعلام ضلوعهما في محاولة لتجنيد مرتزقة من الصحراء الغربية المصرية. ما صدر من الإثنين كان غير مقنع ولا مطمئِن. والاستثمار الليبية في مصر التي تتجاوز تقديراتها العشرة مليارات من الدولارات لا تزال طليقة تحت إمرة قذاف الدم وابن عمه. أين الحكومة المصرية من قرار مجلس الأمن بتجميد الأصول الليبية؟ أين مصر من حبيبتها... الشرعية الدولية؟ موقف مصر مشين ومعيب وقصير نظر. إن مصلحة مصر أوسع من وأبعد مدى من استثمارات القذافي، وأمن مصر مرهون بعلاقتها مع عمقها القومي والجغرافي في ليبيا. أخشى أن تكون نفس مصالح ومنافع نافذين في مصر، وإن تغيرت أسماء بعضهم وعناوين المصارف بعد يناير، هي العامل المقرر لسياسة مصر تجاه الثورة في ليبيا. التخوف موجود في مصر نفسها، وعلى نطاق واسع، من أن سقوط الرأس لم يعن سقوط النظام.
مخاض الثورة العسير في ليبيا، مقارنة بثورتي تونس ومصر، مرده في جانب من جوانبه إلى أن نجاحه سيعنى ثورة على النظام من جذوره... وبكل منطلقاته وتوجهاته ومؤسساته وثقافته ورموزه ومفرداته.... لذلك هو عسير وهو باهظ الثمن. عدد شهداء ثورة مصر كان أقل من ألف بين شعب تعداده 85 مليونا، وفي ليبيا فاق العشرة آلاف بين شعب تعداده ستة ملايين.. والعدّ مستمر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق