للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الأحد 24 إبريل 2011

(68) وايكو

لم أغادر منزلي اليوم، أحد الأسباب كان المحافظة على البنزين لما يلزم فقط. أخوان تبادلا الوقوف بسيارة والدهما في الطوابير المنتظرة لدورها أمام محطة للبنزين أتما مهمتهما الساعة العاشرة من صباح اليوم... الانضمام إلى الطوابير كان في الساعة السادسة من صباح الخميس.. ثلاثة أيام وأربع ساعات من البهدلة والملل والنعاس والمشاكل والشجار والاعتداء من البعض على المضخات لتخريبها وانتظار لسيارة نقل تعبئ خزانات المحطة. أكثر من ثلاثة أيام رقم قياسي فيما أعتقد. بالنسبة لي تحصلت على جالون 20 لتر بمبلغ 60 دينار. سمعت لاحقا أنه وصل إلى مائة دينار
لم أعرف أين كان القصف أو إطلاق النار الكثيف الليلة الماضية. النظام عمم رسالة نصية على الهواتف النقالة يطلب فيها من ‘أفراد الشعب المسلح عدم إطلاق النار في الهواء’، وكأنه يريد أن يقول أن الإطلاق الذي دوى صوته في أنحاء المدينة الليلة الماضية كان احتفالا...  بشيء ما نحن لا نعرفه.
كان هناك صوت طائرات في السماء حوالي 3.30 بعد ظهر اليوم.. تحليق مبكر اليوم.
النظام يجهز لمصراته كارثة أكبر مما مرّت به إلى الآن. تم دحر الكتائب من وسط المدينة، فإذا به يكثف من قصفه للمدينة بالصواريخ والمدفعية عن بعد. وهو في نفس الوقت يريد أن يقول إنها القبائل..ز وليست كتائبه.
الغرب أخطأ الحساب وهو على مشارف ورطة. كانت الحسابات ترتكز إلى أن الحملة الجوية والتحرك الشعبي كفيلان بإسقاط النظام. ذلك لم يحدث. رفع الغرب سقف أهدافه فلم يعد بإمكانه أن يقبل بأقل من رحيل القذافي ونظامه نهائيا عن المشهد الليبي، ولا يستطيع في الوقت نفسه قبول إطالة أمد الحملة كثيرا لدواعي سياسية داخلية وللاختلافات الواضحة بين الحلفاء أنفسهم. لن يستطيع الغرب بعد الآن التعايش مع القذافي في السلطة مهددا للمصالح والأمن الغربيين بكافة أسلحته المعهودة من نفط ومال وإرهاب وغياب كامل لأي رادع من خلق أو مبدأ أو مصلحة وطنية لبلاده نفسها. لذلك نرى الولايات المتحدة تعيد الحيوية لدورها في الحملة الجارية بإدخال الطائرات من دون طيار وربما غيرها من الأسلحة والعمليات والميل إلى تعزيز قوة المعارضة الليبية المسلحة، بل بدأ الحديث صراحة عن ‘قطع رأس النظام’. الوضع مرشح للتصعيد من الطرفين، فالقذافي لم يعد أمامه الكثير ليخسره... هو يعرف أنه أمام نهايته. كيف هي النهاية وكم سيطول الانتظار؟
مبررا لاستعماله القوة النارية لقمع ثورة شعبه، ضرب القذافي أمثلة بلدان أخرى قامت بأعمال مماثلة: ميدان تياننمن في الصين والشيشان وأتباع ديفيد كورش في وايكو تكساس. المثل المناسب في رأيي هو وايكو تكساس، ولكن بالمقلوب. قد يجد القذافي ومريدوه أن نهايتهم ستكون هي نهاية ديفيد كورش ومريديه والفاعل في الحالتين واحد. الشبه لا يكمن في نهاية محتملة شبيهة بل يتعداه إلى شخصيتي كورش والقذافي .. شخصيتان مريضتان. الأول ادعى النبوة وأرضخ لسيطرته المطلقة بضع مئات من المريدين كانوا يسبحون له ويفعلون كل ما يريد... حرفيا كل ما يريد.. واغتصب منهم من اغتصب. الثاني يرى في نفسه مرتبة تعلو على النبوة وخلق لنفسه مريدين وأتباعا ارتكبوا من الجرائم كل ما طلبه منهم.. أخضعهم لإرادته وكانوا لا يستطعون فكاكا من أسْر ماله وإرهابه وابتزازه... وجرائمهم. باب العزيزية رديف وايكو تكساس؟
نعيش حياة يومية من الفزع والحزن جراء مناظر قتل الأبرياء وتدمير المدن... حياة تختلط فيها مشاعر الفخر مع الأمل والإحباط والألم... جرعة قذافية عالية التركيز نتجرعها على مدى أكثر من شهرين، اجتمعت فيها جميع مكونات السلوك القذافي على مدى الإثنين وأربعين عاما الماضية من قتل وتدمير وشراء ذمم وكذب وفتن وغش وخديعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق