للتواصل

للإتصال وإبداء الملاحظات والتعليقات nstulti@gmail.com

صاحـب البومــــيات: نور الديـن السـيــد الـثــــلــثي


الأربعاء 11 مايو 2011

(85) دجل وسحر وجان

تحليق كثيف للطائرات منذ الصباح، ونشرات الأخبار تفيد بوقوع انفجارات في شرق طرابلس.
تابعت موجز أخبار ظهر اليوم كاملا على قناة القنفود هذا اليوم، ولم أجد جدوى من تكبّد مشقة التفاصيل. تضمن الموجز أخبار برقيات التعازي للقائد ومسيرات الالتحام بالقائد وتدفق الجماهير إلى باب العزيزية لحمايته من العدوان الاستعماري الصليبي، وهي نفسها أخبار يوم أمس وأول من أمس وربما أخبار غد وبعد غد إذا ما أطال الله الأعمار إلى ذلك الحين. نشرة المساء ستكون من نفس القائمة تتلوها وصلة دجل وكلام عن السحر والجن من شاكير وصديقه تنتهي بنوبة دعاء مصحوبة برفع يديه الكريمتين ممسكا بمسبحة طويلة، تضرعا يحسبه ومن معه مقبولا.
تتردد شائعات مفادها أن سيف العرب قد قتل بالفعل، وأن قتله قد تمّ على يد أخيه المعتصم. يقولون كذلك أن الحركة غير عادية بقصر الشعب ليلا. هل هناك مساجين أم قتلى أم أشخاص مهمّون أم غير ذلك؟ في فترات سابقة كان الطابق تحت الأرض موقعا معروفا للتعذيب والاستجواب. هو مناخ مواتٍ لتداول كل أنواع الأخبار الصحيحة والكاذبة والمسربة لغرض والمختلقة لغرض، وهي رد طبيعي على جهود النظام المحمومة والفجة في صناعة الكذب وبثه.
ثوار مصراته يسيطرون على مطارها وعلى الدافنية. جبهة الشرق بدأت التحرك على جبهة البريقة والواحات حيث مناطق حقول النفط.
التقيته فوجدت علامات سعادة وارتياح واضحة على وجهه. سألته ما إذا كان في الوضع جديد، فكان جديده شخصيا. قال إنه قد رحّل جميع أفراد أسرته إلى تونس حيث سيبقون إلى تتضح تطورات الأيام المقبلة. قال إنه يشعر بارتياح كبير أن أسرته قد فرّت من احتمالات الترويع والاعتداء والترهيب.
سألت عن آخر، وهو عضو بهيئة التدريس بإحدى الجامعات، فقيل لي إنه قد سافر إلى بنغازي عن طريق تونس قائلا إنه لن يعود قبل سقوط القذافي، وإلا فهو باق في بنغازي الحرة.
بث القنفود شريطا مصورا لاجتماع استقبل فيه القائد عددا من كبار موظفيه من المنطقة الشرقية ومعهم رئيس الأمن الخارجي. صورة الوضع كانت أوضح ما تكون على وجه وزير الخارجية عبد العاطي العبيدي، فربما عكس وجهه حزن الرجل وبؤس وقنوط نظام يجد نفسه أمام نهاية محتومة.  عندما نظرت في الوجوه رأيت أناسا استمروا في خدمة شخص فرد على مدي عقود من الزمن. منهم من كلّ وملّ ولم يبد عليه كلل أو ملل، ومنهم من لا يزال مستمرا في خدمة سيده وولاء أعمى له، لأنه مقتنع بما يسمعه من سيده (وهؤلاء قلة من ضعاف العقول فيما أرى وأرجو) أو متورطون ارتبط مصيرهم بمصيره، أو مرعوبون من عقاب إن هم تراجعوا عن المسيرة. أربعون سنة في خدمة شخص لا في خدمة قضية، فالشخص نفسه لا قضية وطنية له. نادى للوحدة العربية وجعلها رسالة ثورته وإذا به ينبذها إلى انتماء إفريقي؛ أفقر شعبه ودمر مؤسساته الخاصة مدعيا الاشتراكية ونبذها هي الأخرى ليتبنى رأسمالية إقطاعية؛ نادى لتحرير فلسطين ومنها تحول إلى حلّ إسراطين؛ وانتقل من طز في أمريكا إلى خاطب لودّها. قضيته لم تكن غير بناء دولة قذافية يملكها بكل ما فيها ومن فيها هو وأولاده من بعده.... وكان جميع من خدموه ـ من حيث يدرون أو لا يدرون ـ في خدمة هذا  المشروع لا غير... أربعون عاما وأكثر... لا يكاد المرأ يصدق. وسيكون التاريخ قاسيا على من أعان على ظلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق